الاستيطان كما نمنع من على جسده نجاسة ويقبح إثبات الدعوى بالمجازفات. قوله الماء المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر ، قلنا هذا حق. قوله فيكون ماء المغتسل من ملامسة الميت طاهرا ، قلنا هذا الإطلاق ممنوع وتحقيق هذا ان الملامس للميت تنجس يده نجاسة عينية ويجب عليه الغسل وهو طهارة حكمية فإن اغتسل قبل غسل يده نجس ذلك الماء بملاقاة يده التي لامس بها الميت اما لو غسل يده ثم اغتسل لم يحكم بنجاسة ذلك الماء ، وكذا نقول في جميع الأغسال الحكمية لأن ماء الغسل من الجنابة طاهر وان كان الغسل يجب لخروج المني وينجس موضع خروجه ولو اغتسل قبل غسل موضع الجنابة كان ماء الغسل نجسا بالملاقاة لمخرج النجاسة إجماعا ، وكذلك غسل الحيض يجب عند انقطاع دم الحيض ويكون المخرج نجسا فلو اغتسلت ولما تغسل المخرج كان ماء الغسل نجسا ولو إزالته ثم اغتسلت كان ماء الغسل طاهرا ، وكذا جميع الأغسال ، فقد بان ضعف ما ذكره المتأخر. اللهم إلا ان يقول ان الميت ليس بنجس وانما يجب الغسل تعبدا كما هو مذهب الشافعي (١). لكن هذا مخالف لما ذكره الشيخ أبو جعفر فإنه ذكر انه نجس بإجماع الفرقة وقد سلم هذا المتأخر نجاسته ونجاسة ما يلاقي بدنه. ولو قال انا أوجب غسل ما لاقى بدنه ولا أحكم بنجاسة ذلك الملاقي ، قلنا فحينئذ يجوز استصحابه في الصلاة والطهارة به لو كان ماء ، ثم يلزم ان يكون الماء الذي يغسل به الميت طاهرا ومطهرا ، ويلزمك حينئذ ان تكون ملاقاته مؤثرة في الثوب منعا وغسلا وغير مؤثرة في الماء القليل وهو باطل. انتهى.
قال في المعالم بعد نقله هنا كلام المحقق (قدسسره) : «وكأنه أراد من النجاسة التي ادعى الإجماع على تنجيس المائع بوقوعها فيه ما يشمل المتنجس لينتظم الدليل مع الدعوى وإلا فالإجماع على تأثير عين النجاسة لا يدل على تأثير المتنجس كما هو واضح ، وإذا ثبت انعقاد الإجماع على تأثير المتنجس مع الرطوبة كالنجاسة واندفع به قول ابن
__________________
(١) راجع التعليقة ١ ص ٦٨.