سند الرواية غير نقي مع ان في الظهور المذكور تأملا. انتهى.
أقول : ما ذكره من الرواية المذكورة وزعم دلالتها على قبول قول المشرك فالظاهر ان المعنى فيها ليس على ما فهمه وان كان قد سبقه فيه الى ذلك المحدث الكاشاني في الوافي أيضا حيث قال بعد نقل الخبر المذكور : وانما يجب السؤال إذا كان البائع مشركا لغلبة الظن حينئذ بأنه غير ذكي إلا ان يخبر هو بأنه من ذبيحة المسلمين فيصير بالسؤال مشكوكا فيه فجاز لبسه حينئذ حتى يعلم كونه ميتة. انتهى. ولا يخفى انه يرد على هذا التفسير (أولا) انه لا مناسبة في ارتباط الجواب بالسؤال إذ السائل إنما سأل عن الاشتراء من المسلم فكيف يجاب على تقدير الاشتراء من المشرك؟ و (ثانيا) انه لا معنى لقوله في آخر الخبر : «وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه» والأظهر عندي في معنى الخبر المذكور هو انه لما سأل السائل عن حكم الشراء من السوق المذكورة إذا كان البائع مسلما وانه هل يسأل عن ذكاته أم لا؟ أجاب (عليهالسلام) بالتفصيل بأنه ان كان في تلك السوق من يبيع من المشركين فعليكم السؤال من ذلك المسلم إذ لعله أخذه من المشركين وإذا رأيتم المسلم يصلى فيه فلا تسألوا لأن صلاته فيه دليل على طهارته عنده ، ويفهم من الخبر بمفهوم الشرط انه مع عدم من يبيع من المشركين فليس عليهم السؤال.
ومما يدل على عدم السؤال إطلاق صحيحة البزنطي (١) قال : «سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلي فيها؟ قال نعم ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر (عليهالسلام) كان يقول ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم ، ان الدين أوسع من ذلك». وأنت خبير بان الظاهر من الصحيحة المذكورة ـ حيث تضمنت نفي المسألة المؤكد بالرد على الخوارج ونسبتهم الى تضييق الدين بالمسألة أو ما هو نحوها ـ ان مع السؤال يقبل قول المسؤول وإلا لما حصل الضيق في الدين بالسؤال كما لا يخفى ، إذ الظاهر ان المراد من الخبران جميع الأشياء بمقتضى سعة الدين المحمدي
__________________
(١) المروية في الوسائل في الباب ٥٠ من النجاسات و ٥٥ من لباس المصلى.