في كل واحدة واحدة ولا يحكم بتحريم الام والأخت ونحوهما إلا إذا كانت متشخصة ولا أظنه يتفوه به.
وبالجملة فالقول الفصل والتحقيق الجزل في المقام هو ان يقال لا ريب انه قبل وقوع النجاسة فإن الطهارة متيقنة في كل جزء جزء من اجزاء الأرض مثلا وكل فرد من افراد الأواني المحصورة وبعد وقوع النجاسة ومعلوميتها في موضع مخصوص أو فرد مخصوص فإنه يحكم بنجاسته يقينا ، واما مع وقوعها في جزء من تلك الاجزاء أو فرد من تلك الافراد واشتباهه بالباقي فإنه قد حصل لهذه الاجزاء وهذه الافراد حالة ثالثة بين يقين الطهارة ويقين النجاسة فكل منها ليس بمتيقن الطهارة ولا متيقن النجاسة ، والمعلوم من الشارع انه الحق هذا القسم بالقسم الأول وهو المتيقن النجاسة كما عرفت من الجزئيات التي ذكرناها وكذا بالنسبة إلى اختلاط الحلال بالحرام ، ووجه الفرق بين هذا القسم وما دلت عليه صحيحة زرارة المذكورة ونحوها ان في هذا القسم الذي ذكرناه قد علم وجود النجاسة قطعا ولكن اشتبه علينا موضعها من تلك الافراد والاجزاء ومورد الصحيحة المشار إليها وأمثالها انما هو حصول الظن والشك بالنجاسة ، فالمقابل ليقين الطهارة انما هو الظن أو الشك فمن أجل ذلك أمر (عليهالسلام) باستصحاب يقين الطهارة وانه لا يخرج عنه بمجرد الظن والشك ، وفرض الشارح هذا بالنسبة الى كل جزء جزء من الاجزاء المحصورة ليس في محله لما يلزم منه من رفع حكم النجاسة المعلومة يقينا بالكلية ومن أجل ذلك دلت النصوص على إعطاء حكم المشتبه بالنجس أو المحرم في المحصور حكم ما اشتبه به ، فان قوله تعالى : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ...» (١) و «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ ... الآية» (٢) شامل لما لو كان ذلك المحرم متعينا متشخصا أو مشتبها بأفراد مخصوصة متعينة ، فإنه كما يقطع بوجود النجس والحرام مع التشخص بقطع ايضا بوجوده في صورة الاشتباه في الافراد المعينة فتشمله الأوامر المذكورة ، غاية الأمر انه لما لم
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية ٤.
(٢) سورة النساء ، الآية ٢٣.