المطهر الشرعي كما عليه جملة الأصحاب في هذا الباب وتخرج الروايات الثلاث المتقدمة شاهدة على ذلك.
بقي الكلام هنا في مسألتين : (إحداهما) أن الرواية الأولى تضمنت انه يباع ممن يستحل الميتة والثانية تضمنت انه يدفن ولا يباع. ويمكن الجمع بينهما بحمل النهي عن البيع على البيع على المسلم من غير اعلام وإلا فبيعه على المسلم مع الاعلام لا إشكال في جوازه بل الظاهر انه لا خلاف فيه كالدهن النجس ونحوه فان له منافع محللة.
و (ثانيتهما) ـ ان الرواية الأولى تضمنت انه يباع من أهل الذمة وبه صرح الشيخ في النهاية وهو ظاهر المشهور بين الأصحاب أيضا ، ومنع ابن إدريس من ذلك وذهب الى انه لا يجوز بيعه مطلقا وقال ان الرواية الواردة بذلك متروكة فلا عمل عليها لأنها مخالفة لأصول مذهبنا ولان الرسول (صلىاللهعليهوآله) قال : «إذا حرم الله شيئا حرم ثمنه» (١). وأجاب العلامة في المختلف بعد اختياره مذهب الشيخ عن كلام ابن إدريس بأن هذا في الحقيقة ليس بيعا وانما هو استنقاذ مال الكافر من يده برضاه فكان سائغا. انتهى. وهو مؤذن بتوقفه في الحكم بصحة البيع ، وبذلك صرح في المنتهى فقال : واما ما تضمنته الرواية من البيع ففيه نظر والأقرب انه لا يباع لرواية ابن ابي عمير فان استدل بما رواه ابن ابي عمير وذكر الرواية الاولى ، ثم قال والجواب انها معارضة لما قدمناه ويمكن ان يحمل على البيع على غير أهل الذمة وان لم يكن ذلك بيعا حقيقة.
وعندي في ما ذكره ابن إدريس وكذا ما ذكره العلامة في المنتهى نظر
__________________
(١) لم يرد هذا الحديث بهذا اللفظ في كتب الاخبار لا من طرق الخاصة ولا من طرق العامة نعم ورد في حديث ابن عباس عنه (ص) «ان الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم ثمنه عليهم». وقد رواه أحمد في المسند ج ١ ص ٢٤٧ وص ٢٩٣ والبيهقي في السنن ج ٦ ص ١٣ وأبو داود في السنن ج ٢ ص ٢٨٠ وابن الدنيع في تيسير الوصول ج ١ ص ٥٥ والشوكانى في نيل الأوطار ج ٥ ص ١٢١.