(رضوان الله عليهم) بل ادعى عليه الإجماع ان جلد الميتة مما هو طاهر في حال الحياة لا يطهر بالدباغ وادعى العلامة في المنتهى والمختلف الإجماع عليه من غير ابن الجنيد ، والشهيد في الذكرى ادعى الإجماع من غير استثناء ، وهو اما بناء على ان معلوم النسب خروجه غير قادح في الإجماع أو لعدم الاعتداد بخلافه لشذوذه وموافقة قوله لأقوال العامة ، ولم ينقلوا الخلاف هنا إلا عن ابن الجنيد خاصة حيث ذهب الى طهارته بالدباغ مما هو طاهر في حال الحياة لكن لا يجوز الصلاة فيه ، وعزى الشهيد في الذكرى الى ابي جعفر الشلمغاني من قدماء أصحابنا إلا انه تغير وظهرت منه مقالات منكرة ـ موافقة ابن الجنيد ، مع ان ظاهر الصدوق في الفقيه ذلك ايضا حيث روى في صدر الكتاب مرسلا عن الصادق (عليهالسلام) (١) «انه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والماء والسمن ما ترى فيه؟ فقال لا بأس». وهو ظاهر في الطهارة كما ترى وليس بين هذا الكلام وبين صدر الكتاب الذي قرر فيه انه لا يورد في كتابه إلا ما يعتقد صحته ويفتي به إلا أوراق يسيرة.
أقول : وقد قدمنا تحقيق القول في هذه المسألة في الفصل الخامس في الميتة من المقصد الأول واستوفينا الأخبار الواردة في المسألة وبينا الوجه فيها وفي الجمع بينها إلا انه قد وقع للمحقق الشيخ حسن في هذا المقام كلام لا بأس بنقله وبيان ما فيه من نقض وإبرام وقد سبقه الى ذلك ايضا صاحب المدارك إلا أنا نكتفي بالكلام على ما ذكره في المعالم حيث انه ابسط ومنه يعلم الجواب عما ذكره في المدارك.
قال في المعالم بعد نقل الخلاف في المسألة : إذا عرفت هذا فاعلم ان العمدة في الاحتجاج هنا لكل من القولين حسب ما ذكره المتأخرون هو الاخبار إلا ان الشيخ والفاضلين أضافوا إليها في الاحتجاج لعدم الطهارة عموم قوله تعالى «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» (٢) تعويلا على تناوله لجميع أنواع الانتفاع ، واستصحاب النجاسة لثبوتها قبل
__________________
(١) ج ١ ص ٩.
(٢) سورة المائدة ، الآية ٤.