الدبغ فكذا بعده ، ويلوح من الشهيد التمسك بالإجماع كما حكيناه عنه وهو صريح كلام الشيخ في الخلاف. وهذه الوجوه كلها ضعيفة ، اما التمسك بالآية فلأن المتبادر منها بحسب العرف تحريم الأكل كما سبق تحقيقه في بحث المجمل من مقدمة الكتاب ، واما الاستصحاب فلان التمسك به موقوف على ملاحظة دليل الحكم وكونه عاما في الأزمان كما سلف القول فيه محررا وقد تقدم في البحث عن نجاسة الميتة ان العمدة فيه على الإجماع وحينئذ فلا استصحاب ، واما الإجماع فلعدم ثبوته على وجه يصلح للحجية ولهذا لم يتعرض له المحقق ، وحال الشيخ والشهيد في الإجماع معلوم إذ قد أشرنا في غير موضع إلى أنهما داخلان في عداد من ظهر منه في أمر الإجماع ما أوجب حمله على غير معناه المصطلح الذي هو الحجة عندنا أو أفاد قلة الضبط في نقلهم. ثم ان الاخبار التي احتجوا بها لعدم الطهارة كثيرة : منها ـ ما رواه علي بن المغيرة قال : «قلت لأبي عبد الله (عليهالسلام) جعلت فداك الميتة ينتفع بشيء منها؟ قال لا. قلت بلغنا. الحديث». وقد قدمناه في الموضع المشار اليه آنفا عن علي بن أبي المغيرة (١) ثم ذكر بعده رواية الفتح ابن يزيد الجرجاني وقد تقدمت ايضا (٢) ثم روايات لا دلالة فيها في الحقيقة ، ثم قال فاما ما يدل من الاخبار على الطهارة فحديث واحد رواه الشيخ بإسناده ثم نقل رواية الحسين بن زرارة وقد تقدمت أيضا في الموضع المشار اليه (٣) ثم قال : وأنت إذا تأملت هذه الاخبار كلها وجدت ما عدا الأولين منها والأخير ليس من محل النزاع في شيء ، ثم ساق الكلام في بيان ذلك الى ان قال : فالتعارض واقع بينهما وبينه ـ يعني الخبرين الأولين وخبر الحسين ـ والترجيح من جهة الاسناد منتف لأن رواية الفتح ضعيفة والخبران الآخران مشتركان في جهالة حال راوييهما ، وحينئذ فيمكن ان يجعل وجه الجمع حمل الروايتين الأوليين على الكراهة أو حمل رواية الطهارة على التقية ويرجح الثاني رعاية الموافقة لما عليه اتفاق أكثر الأصحاب ، ويؤيد
__________________
(١) ص ٦٢.
(٢ و ٣) ص ٦١.