الأول موافقته لمقتضى الأصل من براءة الذمة بملاحظة ما قدمناه من عدم استقامة اعتبار الاستصحاب في مثله. انتهى.
أقول : لا يخفى ما فيه على المتأمل النبيه (أما أولا) فإن ما ذكره من ان التمسك بالاستصحاب موقوف على ملاحظة دليل الحكم وكونه عاما فجيد ، واما قوله ـ ان العمدة في نجاسة الميتة انما هو الإجماع ـ فمردود بما قدمنا تحقيقه في الفصل المتقدم ذكره ونقلناه من الأخبار المستفيضة الدالة على الحكم المذكور وما ذيلنا به من التحقيق الظاهر في ذلك تمام الظهور ، وعلى هذا فالاستدلال بالاستصحاب في محله لأن الأخبار المذكورة قد دلت على نجاسة الميتة ومنها الجلد وهي مطلقة عامة شاملة لجميع الأزمان حتى يقوم الرافع فالاستصحاب هنا راجع الى الاستصحاب بعموم الدليل كما هو المدعى.
و (اما ثانيا) ـ فان ما ذكره من الطعن في الإجماع فهو حق على رأينا الواجب الاتباع وان كان قليل الاتباع من الاقتصار في الاستدلال على الكتاب والسنة لا على رأي من يعتمد على القواعد الأصولية كهذا القائل ونحوه. وذلك فإنه لا يخفى ان من قواعدهم العمل بالإجماع المنقول بالخبر الواحد ، ومنها ان خلاف معلوم النسب غير قادح في الإجماع والأمر هنا كذلك فيكون حجة ، وقد ادعاه هنا العلامة في المنتهى والمختلف وان استثنى ابن الجنيد منه ، وادعاه الشيخ في الخلاف والشهيد في الذكرى من غير استثناء بناء على القاعدة الثانية ، وبذلك اعترف هذا القائل في صدر كلامه فقال بعد نقل الإجماع عن العلامة كما حكيناه : وقال الشهيد في الذكرى لا يطهر جلد الميتة بالدباغ إجماعا فلم يحتفل باستثناء المخالف نظرا الى عدم اعتبار مخالفة معلوم الأصل في تحقق الإجماع انتهى. وحينئذ فالإجماع المدعى هنا بمقتضى قواعدهم حجة في المقام فلا معنى لقدحه فيه ، ووقوع التساهل من الشيخ والشهيد في دعوى الإجماع في غير هذا الموضع لا يقتضي رد ما نقلاه هنا من الإجماع المشتمل على شروط الإجماع المقبولة وإلا لأدى ذلك الى