وعن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إني أخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة. قالوا : وما هي يا رسول الله؟ قال : أخاف عليكم من زلة العالم ، ومن حكم جائر ، ومن هوى متبع» (١) وإنما زلة العالم بأن يخرج عن طريق الشرع ، فإذا كان ممن يخرج عنه فكيف يجعل حجة على الشرع؟ هذا مضاد لذلك.
ولقد كان كافيا من ذلك خطاب الله لنبيه وأصحابه : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) (٢) الآية ، مع أنه قال تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٣) وقوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) (٤) الآية ؛ ولذلك قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ثلاث يهدمن الدين : زلة العالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقول : أغد عالما أو متعلما ، ولا تغد إمّعة فيما بين ذلك. قال ابن وهب : فسألت سفيان عن الإمعة فقال : الإمعة في الجاهلية الذي يدعي إلى الطعام فيذهب معه بغيره وهو فيكم اليوم المحقب دينه الرجال.
وعن كميل بن زياد أن عليّا رضي الله عنه قال : يا كميل : إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها للخير ، والناس ثلاثة : فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع ، أتباع كل ناعق ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجئوا إلى ركن وثيق ، الحديث إلى أن قال فيه : أفّ لحامل حق لا بصيرة له ، ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا يدري أين الحق ، إن قال أخطأ ، وإن أخطأ لم يدر ، مشغوف بما لا يدري حقيقته ، فهو فتنة لمن فتن به ، وإن من الخير كله ، فأعرف الله دينه وكفى أن لا يعرف دينه.
وعن علي رضي الله عنه قال : إياكم والاستنان بالرجال ، فإن الرجل ليعمل بعمل أهل
__________________
(١) أخرج نحوه الطبراني في حديث أبي الدرداء ، ولابن حبان في حديث عمران بن حصين ، والغزالي في الإحياء كتاب : العلم ، باب : آفات العلم وبيان علامات علماء الآخرة والعلماء السوء.
(٢) سورة : النساء ، الآية : ٥٩.
(٣) سورة : النساء ، الآية : ٥٩.
(٤) سورة : الأحزاب ، الآية : ٣٦.