الجنة ثم ينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار فيموت وهو من أهل النار ، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فينقلب لعلم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنة فيموت وهو من أهل الجنة ، فإن كنتم لا بدّ فاعلين فبالأموات لا بالأحياء ، وأشار إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه الكرام ، وهو جار في كل زمان يعدم فيه المجتهدون.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه : ألا لا يقلدنّ أحدكم دينه رجلا ، إن آمن آمن ، وإن كفر كفر ، فإنه لا أسوة في الشر. وهذا الكلام من ابن مسعود بيّن مراد ما تقدم ذكره من كلام السلف ، وهو النهي عن اتباع السلف من غير التفات إلى غير ذلك.
وفي الصحيح عن أبي وائل قال : جلست إلى شيبة في هذا المسجد قال : جلس إليّ عمر في مجلسك هذا قال : هممت أن لا أدع فيها صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين ، قلت : ما أنت بفاعل ، قال : لم؟ قلت : لم يفعله صاحباك ، قال : هما المرءان اهتدي بهما. يعني : النبي صلىاللهعليهوسلم وأبا بكر رضي الله عنه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في حديث عيينة بن حصن حين استؤذن له على عمر ، قال فيه : فلما دخل قال : يا ابن الخطاب؟ والله ما تعطينا الجزل ، وما تحكم بيننا بالعدل ، فغضب عمر حتى همّ بأن يقع فيه ، فقال الحرّ بن قيس : يا أمير المؤمنين ، إن الله قال لنبيه عليه الصلاة والسلام : (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ) (١) فو الله ما جاوز عمر حين تلاها عليه ، وكان وقّافا عند كتاب الله.
وحديث فتنة القبور حيث قال عليه الصلاة والسلام : «فأما المؤمن ـ أو المسلم ـ فيقول : محمد جاءنا بالبينات فأجبناه وآمنا ، فيقال : نم صالحا قد علمنا أنك موقن ، وأما المنافق أو المرتاب فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته» (٢).
وحديث مخاصمة عليّ والعباس عمر في ميراث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقوله للرهط الحاضرين : هل تعلمون أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لا نورث ما تركناه صدقة» (٣)؟ فأقروا
__________________
(١) سورة : الأعراف ، الآية : ١٩٩.
(٢) أخرج نحوه الترمذي في كتاب : الجنائز ، باب : ما جاء في عذاب القبر (الحديث : ١٠٧١).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب : الفرائض ، باب : قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا نورث ما تركناه صدقة» ، ـ