ولا يعتبر اتصال الخط من موقف كل مصل بها [١] ، بل المحاذاة العرفية كافية غاية الأمر أن المحاذاة تتسع مع البعد ، وكلما ازداد بعداً ازدادت سعة المحاذاة ، كما يعلم ذلك بملاحظة الأجرام البعيدة كالنجوم ونحوها ، فلا يقدح زيادة عرض صف المستطيل عن الكعبة في صدق محاذاتها كما نشاهد ذلك بالنسبة إلى الأجرام البعيدة. والقول بأن القبلة للبعيد سمت الكعبة وجهتها راجع في الحقيقة إلى ما ذكرناه. وإن كان مرادهم الجهة العرفية المسامحية فلا وجه له.
______________________________________________________
ترك مكة في الخبرين الأولين لا مكان مواجهة المسجد لمن بعد عن البلد ، لارتفاع جدرانه ، وإلا فالالتزام بظاهرها من جواز استقبال أي طرف من المسجد وإن لزم الانحراف عن الكعبة كثيراً ـ وكذا في استقبال طرف الحرم ـ غريب في مذاق المتشرعة ، ولا يظن من أهل القول المذكور التزامهم به ، وإن كان هو المحكي عن ظاهر جملة من كتبهم. فالبناء على أن الكعبة قبلة مطلقاً هو المتعين.
[١] قد عرفت الإشارة الى أن الموجود في كلام المتأخرين والمنسوب إليهم القول بأن الكعبة هي القبلة أن جهتها قبلة البعيد. قال في المعتبر : « القبلة هي الكعبة مع الإمكان وإلا جهتها ». وقد اختلفت عباراتهم في تفسير الجهة ، ففي المعتبر : « أنها السمت الذي فيه الكعبة » ، وعن التذكرة والنهاية : « أنها ما يظن أنها الكعبة » ، وفي الذكرى وعن الجعفرية « أنها السمت الذي يظن كون الكعبة فيه » ، وعن المقداد : « أنها خط مستقيم يخرج من المشرق الى المغرب الاعتداليين ويمر بسطح الكعبة ، فالمصلي يفرض من نظره خطاً يخرج الى ذلك الخط ، فان وقع على زاوية قائمة