______________________________________________________
وبالجملة : دلالة الصحيح على جواز المحاذاة مما لا ينبغي أن ينكر ، وتؤيدها رواية ابن فضال التي تأتي. وأما رواية الاحتجاج : فمع عدم صلاحيتها في نفسها لإثبات المنع من المحاذاة ، لضعفها ، معارضة بالصحيح الواجب تقديمه عليها عرفاً.
ثمَّ إن ظاهر جماعة ممن قال بجواز المحاذاة عدم الكراهة فيها ، ويقتضيه أيضاً ما في رواية ابن فضال في وداع أبي الحسن (ع) لقبر النبي (ص) وفيها : « فقام إلى جانبه يصلي فألزق منكبه الأيسر بالقبر قريباً من الأسطوانة المخلقة التي عند رأس النبي (ص) » (١) ، وإطلاق جملة من النصوص الواردة في باب الزيارات مثل رواية جعفر بن ناجية : « صل عند رأس الحسين (ع) » (٢) ، ورواية الثمالي : « ثمَّ تدور من خلفه إلى عند رأس الحسين (ع) وصل عند رأسه ركعتين ، وإن شئت صليت خلف القبر وعند رأسه أفضل » (٣) ورواية صفوان : « فصل ركعتين عند الرأس » (٤) .. إلى غير ذلك. اللهم إلا أن يحمل الجميع على صورة عدم المحاذاة ، لكنه لا يأتي في رواية ابن فضال. واحتمال أن المراد من المحاذاة : المحاذاة لوسط القبر غير ظاهرة ، بل هي خلاف ظاهر النص والفتوى ، اللهم إلا أن تحمل على أن ذلك من خواص النبي (ص) ، أو من خواص المعصوم كأبي الحسن (ع) ، أو كون المقدار الذي ألزق منكبه الشريف به زائداً على مقدار القبر. نعم يبقى الإشكال في وجه الكراهة. اللهم الا أن يكون رواية الاحتجاج بناء على التسامح في أدلة السنن. وعلى
__________________
(١) الوسائل باب : ٢٦ من أبواب مكان المصلي حديث : ٤.
(٢) الوسائل باب : ٦٩ من أبواب المزار حديث : ٥.
(٣) مستدرك الوسائل باب : ٥٢ من أبواب المزار حديث : ٣.
(٤) تروى هذه الرواية عن مصباح المتهجد للشيخ ( قده ) فراجع كتب الأدعية والزيارات.