ثم قال : والله ، لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صنفت قبل أن يُخلق الرضي بمئتي سنة ، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها ، وأعرف خطوط من هو من العلماء وأهل الأدب قبل أن يخلق النقيب أبو أحمد والد الرضي .
ثم قال ابن أبي الحديد : قلت : وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخي إمام البغداديين من المعتزلة ، وكان في دولة المقتدر قبل أن يخلق الرضي بمدة طويلة ، ووجدت كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبة (١) ــ أحد متكلمي الإمامية ــ وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب الإنصاف» ، وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخي ، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضى موجوداً» (٢)
وأمّا صحة الخطبة من الجهه الثانية ، فلاشتمالها على التظلّم من الخلفاء الثلاثة ، وهو مستفيض في الأخبار ــ كما سبق ــ بل ادعى ابن أبي الحديد ، تواتره ولاشتمالها ــ أيضاً ــ على بيان زهده بالإمارة وكيفية البيعة له ، وخروج الناكثين والقاسطين والمارقين عليه ، إلى غير ذلك من مضامينها المعلومة المشهورة ، فما عسى أن يناقش المنصف في صحتها ، ولا سيما
__________________
(١) ابن قبة : بكسر القاف وفتح الموحدة المخففة كعِدّة ؛ هو : أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن ابن قبة الرازي ، فقيه رفيع المنزلة من متكلي الإمامية صاحب كتاب«الإنصاف » في الإمامية .
وذكره النجاشي وقال : متكلّم عظيم القدر ، حسن العقيدة قوي في الكلام ، كان قديماً من المعتزلة وتبصر وانتق ، له كتب في الكلام وقد سمع الحديث وأخذ عنه ابن بطة.
انظر : الفهرست لابن النديم : ٣٠٨ ، الكنى والألقاب ١ / ٣٨٢.
(٢) شرح نهج البلاغة ١ / ٢٠٥ ــ ٢٠٦ .