منه ، ففيه :
إن المصنّف نقل الحديث عن مسلم والبخاري ؛ لاتفاقهما في المعنى (١) ، ذكره بلفظ مسلم الذي رواه في باب حكم الفيء من كتاب الجهاد» ؛ لأنّ به تفصيل ما أجمله البخاري ، فإن قول البخاري : «وأنتما تذكران أن أبا بكر فيه كما تقولان» بمعنى قول مسلم : «فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً»بقرينة المقابلة بين قوله تقولان ، وقوله : والله يعلم أنه صادق بار راشد تابع للحقِّ .
وكذا قول عمر في حديث البخاري : «والله يعلم أنه صادق بار راشد تابع للحقِّ» يدلّ على أنّهما يقولان بخلافه الذي صرّح به حديث مسلم .
ومثل هذا لا ربط له بالإدخال ، كما زعمه الخصم ، ولذا استمرت طريقة علماء القوم على نقل الأحاديث المتفقة في المعنى ، بل المتقاربة فيه بلفظ أحدها ، كما يعرفه كل من اطلع على كتبهم الجامعة للأخبار ، «كالدر المنثور» ، وكنز العمال ، ونحوهما .
وهذا الحديث الذي ذكره الخصم قد رواه البخاري في باب حديث بني النضير من كتاب المغازي (٢) .
وله حديث آخر رواه في أول كتاب النفقات ، وذكر فيه عن عمر أنّه قال : وأنتما تزعمان أنّ أبا بكر كذا وكذا (٣) ، وهو أقرب للدلالة على المقصود .
وأما ما زعمه من أن قول عمر كان على سبيل الفرض والتقدير
__________________
(١) صحیح البخاري ٤ / ١٨٠ ضمن ح٣ ، صحیح مسلم ٥ / ١٥٢.
(٢) صحيح البخاري ٥ / ٢٠٧ ضمن ح ٧٨
(٣) صحيح البخاري ٧ / ١١٤ ضمن ح٩٣.