زرارة : فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقال : نقضت حديثك الأوّل ، فقدمت إلى أبي جعفر عليهالسلام فأخبرته بما قال القوم ، فقال : « يا زرارة إلا أخبرتهم أنّه قد فات الوقتان جميعا ، وأنّ ذلك كان قضاء من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١).
ويظهر منها فوائد كثيرة ، والتي تناسب المقام أنّ المراد من الوقت في أخبار المنع وقت الأداء ، ولا مانع بالنسبة إلى القضاء ، فيقرب هذا كون التضيّق في الفوائت على الاستحباب ، لا لما ذكره ، لأنّ النافلة من متعلّقات الفريضة إذ الفور والتضيّق عرفي ، ولذا لا يقتضي ذلك الاقتصار على الواجبات في الصلاة ، والاستعجال عند أدائها مهما أمكن ، بل وترك مثل السورة ممّا يترك عند الاستعجال الضروري مثله. نعم هذه حجّة على من منع من النافلة حينئذ ، ومؤيّد بالنسبة إلى غير المانع ، كما ذكره.
بل لأنّه ورد في صحيحة زرارة الواردة في تضيّق الفائتة أنّه عليهالسلام قال : « ولا يتطوّع بركعة حتى يقضي الفريضة كلّها » (٢) إذ ربما يظهر من السياق أنّ الأمر بتقديمها على الحاضرة أيضا لا يكون على الوجوب ، بل على الاستحباب ، ولا ينافيها فعله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّ الظاهر أنّه عليهالسلام منع من التطوّع لأجل أن يشتغل بالفريضة ، فحيث يكون الراجح تأخيرها أو الجائز فلا مانع ، فالخبر صريح في الجواز وظاهر في الرجحان.
ويظهر من هذه الجهة أيضا وهن في ما دل على التضييق ويكون حجّة على الحلبي ومن قال بمقالته إلاّ أن يستثنوا ذلك ، فيكون حينئذ مؤيّدا
__________________
(١) الذكرى : ١٣٤ ، الوسائل ٤ : ٢٨٥ أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٦.
(٢) الكافي ٣ : ٢٩٢ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٦٦ / ١٠٥٩ ، الاستبصار ١ : ٢٨٦ / ١٠٤٦ ، الوسائل ٤ : ٢٨٤ أبواب المواقيت ب ٦١ ح ٣.