وفيه : أنّ ما ذكرناه هنا صريح في خطأ ابن أبي عقيل. وأمّا توبيخ أهل عرفات فلعلّه لأنّهم لا يجعلون هذا القدر من المسافة مسافة للقصر أصلا ، ويحكمون بسبب هذا بوجوب الإتمام. وقولهم عليهالسلام : « أيّ سفر أشدّ منه » لعله إقناعي وجدل ، كما هو دأبهم عليهالسلام ، بأنّه ظاهر أنّ منشأ القصر التخفيف على المسافر من شدّة تكون بهم غالبا ، فتأمّل.
وممّا يشهد على بطلان مذهبه أنّه ورد في بعض الأخبار القصر في الأربعة التي لم ينضمّ إلى أربعة الإياب ، وهو خبر عمران عن الجواد عليهالسلام أنّه يقصّر في طريقة إلى ضيعته ويتمّ في الضيعة (١) ، والمسافة إليها خمسة فراسخ ، فلاحظ وتأمّل.
مع أنّ المنقول من مذهبه لا شاهد له في الأخبار. وتأويل كلامه بأنّ مراده من : ما دون عشرة ، عدم قصد الإقامة في الأثناء ، وأنّه أحد القواطع الثلاث يعني أنّه لا يقطع سفره بالوصول إلى الوطن أو البقاء متردّدا ثلاثين يوما ، بعيد ، مع أنّه لا شاهد له ، فتأمّل جدّا.
قوله : ونحوه قال المفيد. ( ٤ : ٤٣٤ ).
الظاهر من الكليني رحمهالله تحتّم القصر إذا كان المسافة أربعة فراسخ مطلقا ، لأنّه لم يأت في الكافي في باب صلاة المسافر إلاّ بأحاديث الأربعة ، ولم يرو أحاديث الثمانية ولم يعتن بشأنها مطلقا (٢).
ويمكن أن يكون مراده : أدنى مسافة يتحقّق فيها القصر أربعة ، أعمّ من أن يكون القصر بعنوان الوجوب أو الجواز ، لما ذكرنا في الحاشية
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢١٠ / ٥٠٩ ، الاستبصار ١ : ٢٢٩ / ٨١١ ، الوسائل ٨ : ٤٩٦ أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ١٤.
(٢) الكافي ٣ : ٤٣٢.