والحكم في الجميع بطلان العبادة والمعاملة ، مع عدم الإتيان بذلك المحتمل ؛ لأنّ الأصل عدم تحقّق الحقيقة ، فالشكّ فيه شكّ فيها ، والشكّ فيها شكّ في شمول دليلها لها ، فيرجع إلى القسم الأوّل ، وهو الشكّ في الأصل.
والحاصل أنّه إذا تعلّق الشكّ في أجزاء الأقوال ، كما إذا تعلّق باسم شخص ، أو نوع ، أو اسم عقد أنّه مركّب من كلمتين فما زاد ، أو غير مركّب ، فلا معنى لتمشية الأصل فيه ؛ لأصالة عدم الدخول في الاسم ، ولأنّ اللغة إنّما تثبت بطرق مخصوصة ، وليس أصل العدم منها.
ومتى كان الشيء يحتمل أنّه جزء المعنى ، أو خارج عنه ، قضي بجهل تحقّق الحقيقة ، والأصل عدمها.
ثانيها : الشكّ في شرطيّة الشروط ومانعيّة الموانع في المعاملات المبنيّة ونحوها ممّا لا يدخل في العبادات بالمعنى الأخصّ.
ومقتضى القاعدة نفيها بالأصل ؛ لأنّ الشروط والموانع فيها خارجة بنفسها وتقييدها عن تقويم حقيقتها ؛ لأنّ أسماءها موضوعة للأعمّ من صحيحها وفاسدها ؛ إذ ليس لأكثرها أوضاع جديدة ، بل هي باقية على حكم وضع اللغة ، وليس فيه تخصيص بالصحيح ، ولو ثبت في بعضها الوضع الجديد فالظاهر منه عدم التقييد.
ولو فرض في بعضها وضع جديد دخل فيه التقييد ، ساوت العبادة في تمشية الأصل.
ثالثها : الشكّ في شروط العبادة بالمعنى الأخصّ من بدنيّة ، أو ماليّة ، أو جامعة للصّفتين (١) ، والذي يظهر من تتبّع محالّها وقضاء الحكمة فيها والفهم عند إطلاقها ، وصحّة سلبها ، وثبوت دورانها (٢) ، أنّها موضوعة للصحيح منها ، فإنّا نرى صدق
__________________
(١) في «م» ، «س» : للصنفين.
(٢) في «ح» زيادة : وأنّه يلزم على القول بالوضع للأعمّ أنّ ما تعلّق بمدلول لفظ ظاهر العبادات ممّا لم تقم فيه قرينة إرادة الصحيح كالأوامر المتعلّقة بالإيجادات من النواهي ، وما اشتمل على الأحكام الوضعيات ، كالفصل بين صلاتي الرجل والمرأة ، والوصل بين الصفوف ، أو بينها وبين إمام الجماعة ، والتقدّم لصفّ الرجال على النساء والصبيان ، والملتزم بنذر وشبهه معلّقاً بما صدق عليه الاسم شرعاً ، الى غير ذلك ، يعمّ القسمين ، ولا أظنّ أحداً يقول به ، والقول بتنزيل المطلق على الصحيح للأظهرية والأشهرية ملغٍ لثمرة البحث بالكلّية ، إذ لا يبقى وجه في الاستناد إلى نفي شطر أو شرط أو جواز مانع بعموم أو إطلاق كما لا يخفى.