فإن قلتم : إنّه دعا بغير مكروه وسخط ، فقد كفرتم وكذّبتم القرآن ، وإن قلتم : إنّه دعا لما أسخَطَ الله عزوجل فاختار السجن ، فأنا أعذر منه.
الخامس : موسى بن عمران عليهالسلام ؛ إذ قال (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (١). فإن قلتم : إنّه لم يفرّ منهم خوفاً على نفسه فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنه فرّ خوفاً فالوصي أعذر منه.
السادس : هارون عليهالسلام ؛ إذ يقول (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) (٢) فإن قلتم : إنّهم لم يستضعفوه ولا كادوا يقتلونه حيث نهاهم عن عبادة العجل فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنّهم استضعفوه وكادوا يقتلونه لقلّة من يعينه ، فالوصي أعذر منه.
السابع : محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ إذ هرب إلى الغار ، فإن قلتم : إنّه هرب من غير خوف على نفسه من القتل ، فقد كفرتم ، وإن قلتم : إنّهم أخافوه فلم يسعه إلا الهرب إلى الغار ، فالوصي أعذر منه ، فقال الناس بأجمعهم : صَدَقَ أمير المؤمنين عليهالسلام (٣). وكذا تظلّم أهل بيته عليهمالسلام ، وسيجيء لذلك مزيد بيان.
وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما ولّت أُمّة رجلاً وفيهم من هو أعلم منه إلا ولم يزل أمرهم إلى سفال ما تركوه ٤). وما رواه محمّد بن النعمان ، عن عكرمة وابن عباس قال ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما من قوم أمّروا أميراً وهو غير مرضي عند الله إلا خانوا الله ورسوله وكتابه والمؤمنين (٥).
__________________
(١) الشعراء : ٢١.
(٢) الأعراف : ١٥٠.
(٣) راجع علل الشرائع ١ : ١٤٨ ، الاحتجاج ١ : ١٨٩ بتفاوت يسير.
(٤) ينابيع المودّة ٣ : ٣٦٩ وفيه : لم يزل أمرهم سفالاً حتّى يرجعوا إلى ما تركوه ، ثواب الأعمال : ٢٤٦ ، الأمالي للطوسي : ٥٦٠ ح ١١٧٣.
(٥) الترغيب والترهيب ٣ : ١٧٩ بتفاوت يسير ، وأُنظر الغدير ٨ : ٢٩١.