فقال له : من تكون يا هذا ، فقال : الّذي تسميه ابن المنجس ، فحصل بينهما انس ومباسطة» (١)
وليس هذا الخلق الإسلامي الرائع الّذي تحلى به الإمام ابن المطهّر امرا اختص به فقد عرف ذلك من عامّة علماء مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، في سيرتهم مع مخالفيهم ، وذلك مما ورثوه عن أئمتهم عليهم السلام الّذين كانوا يبالغون في التّأكيد على حسن السّيرة مع العامّة ، وعلى رد الإساءة بالإحسان.
ومن روائع اخبار مولانا الامام ابن المطهّر ، قضيّة تشيع السلطان المغولى الشاه محمد خدابنده على يديه ، وقد نقل العلامة محسن الأمين في موسوعته الشهيرة «أعيان الشيعة» عن العلامة المجلسي في شرح الفقيه ، ما نصّه :
«ان السلطان اولجايتو محمد المغولي الملقّب ب «شاه خدابنده» غضب على احدى زوجاته ، فقال لها : أنت طالق ثلاثا ، ثم ندم ، فسأل العلماء ، فقالوا : لا بدّ من المحلّل ، فقال : لكم في كلّ مسألة أقوال فهل يوجد هنا اختلاف؟ فقالوا : لا ، فقال احد وزرائه : في الحلّة عالم يفتي ببطلان هذا الطّلاق ، فقال العلماء : إنّ مذهبه باطل ، ولا عقل له ولا لأصحابه ، ولا يليق بالملك أن يبعث الى مثله ، فقال الملك : أمهلوا حتى يحضر ونرى كلامه.
فبعث ، فاحضر العلّامة الحلّي ، فلما حضر جمع له الملك جميع علماء المذاهب ، فلما دخل على الملك ـ أخذ نعله بيده ودخل وسلّم ، وجلس الى جانب الملك ، فقالوا للملك : الم نقل لك أنهم ضعفاء العقول ، فقال : اسئلوه عن كل ما فعل.
فقالوا : لما ذا لم تخضع للملك بهيئة الرّكوع؟ فقال : لأنّ رسول الله صلى الله عليه وآله لم يكن يركع له احد ، وكان يسلّم عليه وقال الله تعالى (فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً) (٢) ولا يجوز الركوع والسّجود لغير الله ،
قالوا : فلم جلست بجنب الملك؟ قال : لانّه لم يكن مكان خال غيره ، قالوا :
__________________
(١) الدرر الكامنة ج ٢ ص ٧٢ ط حيدرآباد.
(٢) النور ـ ٦١