رأي الإسلام فيها ، وليس عليها من الكتاب دلالة تصريح ، ولا من السّنّة أثر صريح.
وقد كانت شيعة أهل البيت عليهم السلام أخفّ مؤنة من غير هم أمام هذه المشكلات فهم على ما يعتقدونه في أئمّة أهل البيت عليهم السّلام من العصمة والمرجعيّة في بيان الأحكام ، كانوا يراجعونهم في ما يجد لهم من الوقائع والأحداث ، ولكنّهم واجهوا المشكلة نفسها ـ مع شيء من الاختلاف ـ منذ ان بدأ عصر الغيبة وخاصّة بعد انتهاء فترة الغيبة الصغرى (فترة النيابة الخاصّة عن الامام) وشروع الغيبة الكبرى حيث انقطعت الشيعة عن امامهم انقطاعا يشبه بالتّام.
وعلى أىّ حال فقد أصبحت الحاجة الى معرفة الحكم الإسلامي في الأحداث المتجدّدة بل وحتّى الأحداث السّالفة باعتبار أنّ البعد الزّمني بين الأمّة وبين عصر التشريع جعلهم يجهلون حكم كثير من الأحداث الّتي وقعت في عصر النبوة والتشريع أيضا إلا ما اشتهر حكمه وذاع ـ حاجة ماسة لدى الشّيعة والسّنّة على السّواء وكان لا بدّ لها من حلّ ، وكانت اطروحة «الاجتهاد» هي الحلّ.
ولكي نعرف إجمالا من هذه الأطروحة ، لا بدّ من التّعرّف على المشكلة الّتي جاءت الاطروحة لحلّها ، وأسبابها وشرائطها ، وبهذا الصدد نقول :
١ ـ الإسلام شريعة كاملة شاملة جاء ليحكّم مجتمع الإنسان على مدى الدّهور ، ويبلغ بالإنسان الى كماله الأقصى ـ وهذا من بديهيّات الإسلام الذي لا ريب فيه ، فالإسلام اذن :
ألف ـ شريعة عامّة لكلّ النّاس ، من غير اختصاص بفئة دون فئة ، أو قوم دون قوم.
قال تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلّا كَافَّةً لِلنّاسِ» (١)
وقال أيضا (قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) (٢)
__________________
(١) ٢٨ ، سبأ.
(٢) ١٥٨ ، الأعراف.