والقدرة البارعة على التبويب والإحاطة الكاملة بالأقسام والفروع. غير أن ذلك عنده لم يشفع بتحليلات عبد القاهر والزمخشري التي كانت تملأ نفوسنا إعجابا ، فقد تحولت البلاغة في تلخيصه إلى علم ، بأدق المعاني لكلمة علم ، فهي قوانين وقواعد تخلو من كل ما يمتع النفس ، إذ سلط عليها المنطق بأصوله ومناهجه الحادة ، حتى في لفظها وأسلوبها الذي لا يحوي أيّ جمال ، وما للجمال والسكاكي إنه بصدد وضع قواعد وقوانين كقوانين النحو وقواعده ، وهي قواعد وقوانين تسبك في قوالب منطقية جافّة أشد ما يكون الجفاف" (١).
يتبين لنا من النصّ السابق أن القيمة العظمى لمفتاح السكاكي إنما ترجع إلى القسم الثالث منه ، وهو الخاص بعلوم البلاغة ، وقد أخذ عليه فيه تقسيمه البلاغة إلى علومها الثلاثة التي استقرت عليها عنده وهي : المعاني والبيان والبديع.
__________________
(١) انظر د / شوقي ضيف / البلاغة تطور وتاريخ / ط دار المعارف ص ٢٨٧ ـ ٢٨٨.