طرف في النقصان إلا هذه الحركات بشهادة الوجدان ، وكم بين الشيء كلا وبعضا في باب القرب ، مع امتناعه حيث كان يمتنع النقصان ، ومختار الآخر لهذا التبديل لكونه أقبل للتغيير ، لاحتماله الأحوال الأربع من غير كلفة دون الصدر ، ولا مدخل للوسط في الاعتبار ؛ إذ هو شيء لا يوجد كثيرا ، كما في نحو : غد ويد ، ولا يتعين كما في نحو : مكرم ، ومستخرج ؛ ولكون التناسب بين الدليل على هذا الوجه ، وبين مدلوله ، وهو قيد مسمى الكلمة المتأخر في الاعتبار مرعيا في كونهما متأخرين.
المقدمة الثانية
وأما الثانية ، فهي أن الغرض الأصلي من وضع الكلم هو التركيب لامتناع وضعها إلا لفائدة ، وامتناع الفائدة فيها غير مركبة ، لامتناع استعمالها من أجل إفادتها المسميات [لاستلزامها](١) الدور ؛ لتوقف إفادتها لها على العلم بكونها مختصة بها ، غير مستوية النسبة إليها وإلى غيرها ، لاستحالة ترجح أحد المتساويين على الآخر. وتوقف العلم باختصاصها بها على العلم بها أنفسها ابتداء ، مع امتناع عد ما سبق إلى الفهم عند التلفظ بها مجرد القصد إلى مسمياتها فائدة بشهادة الوجدان.
والأصل في التركيب هو نوع الخبر ؛ لكثرته وقلة ما سواه بالنسبة إليه بشهادة الاستقراء ، وتنزيل الأكثر منزلة الكل بحكم العرف ، لعدم انفكاك حقيقته عن الخبر ، يجعل أصلا في باب الخبر ، فيظهر من هذا تمام انصباب الغرض من الوضع إلى اعتبار الفعل.
وإذا تقرر [هاتان](٢) المقدمتان على هذا الوجه بنينا على الأولى منهما الكلام في علة وقوع الإعراب في الكلم ، وعلة كونه في الآخر ، وعلة كونه بالحركات ، وعلة عدم استكنانه لخروجه إذ ذاك عن الدلالة ، وعلة كونه في الأسماء دون الأفعال ، لظهور كون الأسماء مقتضية لذلك من جهة المناسبة لحصول كونها ، ومتقيدة بما يحتاج عنده في
__________________
(١) في (ط ، د) : لاستلزام.
(٢) من (غ) وفي (ط) : هذا ، أن ، وفي (د) : هذان.