المذكور لارتضاعهما ضرعا واحدا ، وهو الاختصاص بالاسم ، والتناوب في نحو : راقود (١) خلا ، بالتنوين لا مع جر الخل ، وراقود خلّ ، لا بالتنوين مع جر الخل ، وأن تحريكه حال منع الجر للهرب عما هو أصل البناء ، وبالفتح لخفته المطلوبة على الخصوص هنا ، لا لاعتبار التآخي بينه وبين الجر.
وإذ قد وقفت على هذا فنقول : العلة في منع الاسم عن الصرف ، هو تحقيق الشبه بينه وبين الفعل على وجه يستلزم الخفة ، وذاك أن كل فعل مما لا يتمحل في فعليته من نحو : ضرب ، ومنع لتضمن مفهومه ، لا محالة ، شيئين : الزمان ، والمصدر ، متقيدا أحدهما بالآخر ، كما لا يخفى ، فهو متصف بكونه ثانيا للغير ، وهو الاسم باعتبارين ، وكل واحد من أسباب منع الصرف ثان لغير.
فالتأنيث ثان للتذكير ، يدلك على ذلك أنك متى ظفرت بمؤنث في كلامهم ، وجدته في الأمر العام مع زيادة ؛ واستقراؤك الأسماء لا سيما قبيل الصفات منها ينبئك عليه بخلافه في المذكر هذا في اللغة الشائعة ، فأما على لغة من يقول : إنسانة ورجلة وغلامة وحمارة وأسدة ، فيفضل الاستقراء.
ومعلوم عندك أن الزيادة إذا وجدت في شيء يطرأ عليه أمران ، دلالة على أحدهما ، كان وجودها عند المتصف بتأخر ، أدخل في القياس منه عند غير المتصف بذلك ، من حيث إن الزيادة معلوم علما قطعيا اتصافها بالتأخر عن المزيد عليه.
فمتى كانت مجلوبة لما له حظ في الاتصاف بالتأخر كان أقيس ، فوجودك الزيادة مع التأنيث دون التذكير في لغتهم المبنية على رعاية هذه المناسبات ، كما لا يخفى ، شاهد على تأخره عنه ، وهذا معنى قول أصحابنا ، رحمهمالله تعالى : لا يجوز أن ينقل الاسم بالزيادة من التأنيث إلى التذكير.
وفي كلامنا هذا ما يدلك على حكمهم أن سكران وسكرى صيغتان ليست إحداهما من الأخرى ، ونحو : ثلاثة رجال وثلاث نسوة عن النقص ، إذا تأملت ، بمعزل ؛
__________________
(١) الراقود : إناء خزف مستطيل مقيّر.