وكم بين الشيء ، لازما وغير لازم.
ومن هذا تتبين أن ألف التأنيث أقوى حالا من التاء ؛ لأنها لا تنفصل عن الكلمة بحال ، وهو السبب عند أصحابنا ، رحمهمالله ، في أن أقيمت مقام اثنين ، وأما نحو آخر عناق وعقرب ، فإنما سلك به مسلك التاء ؛ تفاديا مما في غير ذلك من ارتكاب خلاف قياس ، وهو جعل الفرع أقوى من الأصل ؛ لأنه فرع على التاء ، وإذا كانوا لا يسوغون التسوية بينه وبين التاء في نحو : بصرى وعناق ، كانوا أن لا يسوغوا تفضيله عليها في الجملة أجدر.
وأما المؤنث بالمعنى نحو : سعاد ؛ فلأنه إذا تعرى عن العلمية جرى مجرى مسماه ، وقد عرفت الحال ثمّ ، وأن الاسم الأعجمي إذا اقترنت به العلمية منقولا ومنقولا عنه ، كانت عجمته أدخل في التحصن منها إذا لم تكن كذلك ، فتكون أقوى وأظهر : ألا تراهم كيف يتصرفون في نحو : ابريسم وديباج وفرند (١) وسخت (٢) ، تصرفهم في كلمهم ، تارة بإدخال اللام عليها أو التنوين إدخالهم إياهما في نحو : رجل وفرس ، وأخرى باشتقاقهم منها على نحو اشتقاقهم من كلمهم قال رؤبة : (٣)
هل ينفعني حلف سختيت ... |
|
أو فضة أو ذهب كبريت |
__________________
(١) الفرند : جوهر السيف ووشيه.
(٢) السخت : الصلب الدقيق.
(٣) البيت من الرجز ، وهو في ديوانه ٢٦ ، والخصائص ١ / ٣٥٨ ، وفي الديوان
فقلت :
أنجو النفس إذ نجيت |
|
هل ينفعنى حلف سختيت |
أو فضة أو ذهب كبريت |
والعجاج هو : أبو الشعثاء عبد الله الطويل بن رؤبة ، والشعثاء ابنته ولد بالبصرة في خلافة عثمان وفيها لقي أبا هريرة وسمع منه الحديث ، ولد له ولدان : رؤبة والقطامى ، وفلج ومات نحو سنة ٩٧ ه انظر المعجم المفصل في الأدب (٢ / ٦١٨).