في الكلام الناقص لصحة : ما طلع البدر إلا وقد ذكرت هندا ، وما جرى مجراه ، أو بكونه في التام غير الموجب على وجه البدل ؛ لتنزيل البدل والمبدل منه منزلة المنحى غير المذكور ، ورجوع الكلام إلى النقصان إذ ذاك حكما.
ومما ينبهك على أن حكم البدل ما ذكرنا ، امتناعهم عنه في الموجب امتناعهم عن النقصان فيه ، وإنها لمظان تأمل منك فلا تفرط.
وأما الناصبة للأفعال ، فالأصل فيها (أن) عند الخليل ، قدس الله روحه ، وقول الخليل يغني عن الدليل (١) :
إذا قالت حذام فصدّقوها ... |
|
فإنّ القول ما قالت حذام |
وإنما نصبت خ خ إن لمشابهتها خ خ أن معنى ؛ لاشتراكهما في رد الكلام إلى معنى المصدر وصوره أيضا إذا خففت وأعملت.
وأما الحروف المشبهة ؛ فعملها لمشابهتها الأفعال. وعندنا أنها لما كانت في العمل فرعا على الفعل ، وكانت في الشبه بالأفعال دون شبه (ما ولا) (بليس) ، اختير لها حطّا لدرجتها أدنى مرتبتي الفعل ، وهي ضرب عمرا زيد.
ومن هذا يظهر سبب امتناع تقديم الخبر على الاسم البتة ، وهو الترقي إلى أعلى مرتبتي الفعل في أدنى درجتها ، وأما قولهم : إن في الدار زيدا ، فالوجه ما اختار جار (٢) الله العلامة ، وارتضاه شيخنا الحاتمي ـ تغمدهما الله برضوانه ـ أنه ليس من تقديم الخبر ،
__________________
(١) البيت من الوافر ، وهو للجيم بن صعب في شرح التصريح ٢ / ٢٢٥ ، وشرح شواهد المغنى ٢ / ٥٩٦ والعقد الفريد ٣ / ٣٦٣ ، ولسان العرب ٦ / ٣٠٦ (رقش) والمقاصد النحوية (٤ / ٣٧٠) والمعجم المفصل (٧ / ٢٨٢).
(٢) هو الزمخشري أبو القاسم محمود بن عمر الخوارزمى صاحب الكشاف وغيره ، وكتاب المفصل الذي عول عليه السكاكي في هذا القسم من الكتاب ، ت ٥٣٨ ه.