يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ)(١) ، وهو حمل قول المنافقين على كونه مقرونا بأنه قول عن صميم القلب. كما يترجم عنه (إنّ واللام) ، وكون الجملة اسمية في قولهم لأرباب البلاغة ، وسيأتيك تعرض لهذه الآية.
وإذ قد عرفت أن الخبر يرجع إلى الحكم بمفهوم لمفهوم ، وهو الذي نسميه الإسناد الخبري كقولنا : شيء ثابت ، شيء ليس ثابتا ، فأنت في الأول تحكم بالثبوت للشيء ، وفي الثاني باللاثبوت للشيء ، عرفت أن فنون الاعتبارات الراجعة إلى الخبر لا تزيد على ثلاثة : فن يرجع إلى حكم ، وفن يرجع إلى المحكوم له ، وهو المسند إليه ، وفن يرجع إلى المحكوم به ، وهو المسند.
أما الاعتبار الراجع إلى الحكم في التركيب من حيث هو حكم ، من غير التعرض لكونه لغويا أو عقليا ، فإن ذلك وظيفة بيانية ، فككون التركيب : تارة غير مكرر ، ومجردا عن لام الابتداء ، وأن المشبهة والقسم ، ولامه ، ونوني التأكيد ، كنحو : زيد عارف. وأخرى مكررا ، أو غير مجرد ، كنحو : عرفت عرفت ، ولزيد عارف ، وإن زيدا عارف ، وإن زيدا لعارف ، وو الله لقد عرفت ، أو لأعرفن ، في الإثبات ، وفي النفي كون التركيب غير مكررا ، ومقصورا على كلمة النفي مرة كنحو : ليس زيد منطلقا ، وما زيد منطلقا ، ولا رجل عندي ، ومرة مكررا كنحو : ليس زيد منطلقا ، ليس زيد منطلقا ، وغير مقصور على كلمة النفي كنحو : ليس زيد بمنطلق ، وما أن يقوم زيد ، وو الله ما زيد قائما ، فهذه ترجع إلى نفس الإسناد الخبري.
وأما الاعتبار الراجع إلى المسند إليه في التركيب من حيث ومسند إليه ، من غير التعرض لكونه حقيقة أو مجازا ، فككونه محذوفا كقولك : عارف ، وأنت تريد : زيد عارف ، أو ثابتا معرفا من أحد المعارف وستعرفها ، مصحوبا بشيء من التوابع ، أو غير مصحوب ، مقرونا بفصل أو غير مقرون ، أو منكرا مخصوصا أو غير مخصوص ، مقدما على المسند أو مؤخرا عنه.
__________________
(١) المنافقون : ١.