المناسب ، وكذا إن كان المقتضى ترك المسند ، فحسن الكلام وروده عاريا عن ذكره ، وإن كان المقتضى إثباته مخصصا بشيء من التخصيصات ، فحسن الكلام نظمه على الوجوه المناسبة من الاعتبارات المقدم ذكرها ، وكذا إن كان المقتضى عند انتظام الجملة مع أخرى فصلها أو وصلها ، والإيجاز معها أو الإطناب ، أعني طي جمل عن البين ولا طيها ، فحسن الكلام تأليفه مطابقا لذلك. وما ذكرناه حديث إجمالي ، لا بد من تفصيله ، فاستمع لما يتلى عليك بإذن الله.
فنون الخبر :
وقد ترتب الكلام ههنا ، كما ترى ، على فنون أربعة :
الفن الأول : في تفصيل اعتبارات الإسناد الخبري.
الفن الثاني : في تفصيل اعتبارات المسند إليه.
الفن الثالث : في تفصيل اعتبارات المسند.
الفن الرابع : في تفصيل اعتبارات الفصل والوصل والإيجاز والإطناب.
وقبل أن نمنح هذه الفنون حقها في الذكر ننبهك على أصل ؛ لتكون على ذكر منه ، وهو أن ليس من الواجب في صناعة ، وإن كان المرجع في أصولها وتفاريعها إلى مجرد العقل ، أن يكون الدخيل فيها كالناشئ عليها ، في استفادة الذوق منها ، فكيف إذا كانت الصناعة مستندة إلى تحكمات وضعية ، واعتبارات إلفية ، فلا على الدخيل في صناعة علم المعاني أن يقلد صاحبها في بعض فتاواه ، إن فاته الذوق هناك إلى أن يتكامل له ، على مهل ، موجبات ذلك الذوق ، وكان شيخنا الحاتمي ، ذلك الإمام الذي لن تسمح بمثله الأدوار ، ما دار الفلك الدوار ، تغمده الله برضوانه ، يحيلنا بحسن كثير من مستحسنات الكلام ، إذا راجعناه فيها ، على الذوق. ونحن حينئذ ممن نبغ في عدة شعب من علم الأدب ، وصبغ بها يده ، وعانى فيها وكده وكده (١) ، وها هو الإمام عبد القاهر ، قدس الله روحه في خ خ دلائل الإعجاز كم يعيد هذا.
__________________
(١) في اللسان : وكد يكد وكدا أي أصاب ، ووكد وكده : قصد قصده وفعل مثل فعله. وما زال ذلك وكدى أى مرادى وهمّى. اللسان مادة (وكد).