السفار ، أفتراه لا يتصورهما حائمين حول : هل التبكير يثمر النجاح ، فيتجانف عن التوكيد ، ولا يتلقاهما (بإن) ، هيهات ، ونظيره (١) :
فغنّها وهي لك الفداء ... |
|
إنّ غناء الإبل الحداء |
وفي التنزيل : (وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ)(٢) وكذا : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ)(٣) ، وكذا : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ)(٤) وكذا : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ)(٥) وأمثال ذلك كثيرة.
وإذا صادف ما أريناك بصيرة منك ، ووقفت على ما سيأتيك في الفن الرابع ، أعثرك في باب النقد لتركيبات الجمل الخبرية في نحو : اعبد ربك ، إن العبادة حق له ، واعبد ربك فالعبادة حق له ، واعبد ربك العبادة حق له ، على تفاوتها هناك ، واجدا من نفسك فضل الأولى على الثانية بحسب المقام ، ورداءة الأخيرة تارة ، والحكم بالعكس أخرى ، وكنت الحاكم الفيصل بإذن الله تعالى.
وكذلك قد ينزلون منزلة المنكر من لا يكون إياه ، إذا رأوا عليه شيئا من ملابس
__________________
(١) البيت من الرجز بلا نسبة في دلائل الإعجاز لعبد القاهر ٢٧٣ ، ٣١٦ وجمهرة اللغة ص ٩٦٤ ، ١٠٤٧ والإيضاح (١ / ٩٤) (ط) دار الكتاب اللبناني والإشارات للجرجاني ص ٣١ والضمير في قوله :
فغنها للإبل ، أي : فغن لها. والحداء بضم الحاء وكسرها مصدر حدا الإبل إذا ساقها وغنى لها ، والشاهد في أنه حين يقول : غنها ؛ ليشتدّ سيرها ، يفهم السامع أن غناءها هو الحداء الذي تساق به فتستشرف له نفسه.
(٢) المؤمنون الآية : ٢٧.
(٣) سورة يوسف الآية : ٥٣.
(٤) سورة التوبة ، الآية : ١٠٣.
(٥) سورة الحج ، الآية : ١.