وقوله (١) :
وأنت الذي كلّفتني دلج السرى ... |
|
وجون القطا بالجهلتين جثوم |
وقولها (٢) :
وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... |
|
وأشمتّ بي من كان فيك يلوم |
وحق الخطاب أن يكون مع مخاطب معين ، ثم يترك إلى غير معين ، كما تقول : خ خ فلان لئيم ، إن أكرمته أهانك ، وإن أحسنت إليه ، أساء إليك.
فلا تريد مخاطبا بعينه ، كأنك قلت : خ خ إن أكرم أو أحسن إليه ، قصدا إلى أن سوء معاملته لا يختص واحدا دون واحد ، وأنه في القرآن كثير يحمل قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ)(٣) على العموم ؛ قصدا إلى تفظيع حال المجرمين ، وأن قد بلغت من الظهور إلى حيث يمتنع خفاؤها ألبتة ، فلا تختص رؤية راء دون راء دون راء ، بل كل من يتأتى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب ، وكذا أمثال له. أو كان المسند إليه في ذهن السامع لكونه مذكورا ، أو في حكم المذكور ، لقرائن الأحوال ، ويراد الإشارة إليه ؛ كنحو قوله (٤) :
من البيض الوجوه بني سنان ... |
|
لو انّك تستضىء بهم أضاءوا |
__________________
(١) البيت من الطويل ، لابن الدمينة عبد الله بن عمر الخثعمي في ديوانه (٤٢).
الدّلجة : سير السحر. والسّرى : سير الليل.
(٢) البيت من الطويل وهو لمعشوقة ابن الدمينة في ديوانه ص ٢٤ تجيبه به ، ولأميمة امرأته في الأغاني ١٧ / ٥٣ ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٣٨١ ، وبلا نسبة في البيان والتبيين ٣ / ٣٧٠ وفي الحيوان (٣ / ٥٥).
(٣) سورة السجدة : الآية : ١٢.
(٤) البيتان من الوافر ، وهما لأبي البرج القاسم بن جبل الذبياني ؛ شاعر إسلامي. شرح الحماسة ١٦٥٨ ، الإيضاح ١ / ١١٤ بلا عزو ، وقبلهما : أرى الخلان بعد أبي حبيب بحجر في جنابهم خفاء.