خطابيا مثل : خ خ المؤمن غر كريم ، والمنافق خبّ لئيم (١) ، حمل المعرف باللام ، مفردا كان أو جمعا ، على الاستغراق ، بعلة إيهام أن القصد إلى فرد دون آخر ، مع تحقق الحقيقة فيهما ، يعود إلى ترجيح أحد المتساويين ؛ وإذا كان استدلاليا ، حمل على أقل ما يحتمل ؛ وهو الواحد في المفرد ، والعدد الزائد على الاثنين بواحد في الجمع ، فلا يوجب في مثل : حصل الدرهم إلا واحد (٢) ، وفي مثل : حصل الدراهم إلا ثلاثة.
وستقف على هذا في نوع الاستدلال ، إذا انتهينا إليه ، بإذن الله تعالى : ومبنى كلامي هذا على أن الاثنين ليسا بجمع ، فإن عد العالم الواقف على هاتيك الصناعة بسوابقها ولواحقها للاثنين جمعا غير مرتضى منه ؛ وههنا دقيقة ، وهي أن الاستغراق نوعان : عرفي وغير عرفي فلا بد من رعاية ذلك ، فالعرفي نحو قولنا : جمع الأمير الصاغة ، أي جمع صاغة بلده أو أطراف مملكته فحسب ، لا صاغة الدنيا.
وغير العرفي ، في نحو قولنا : الله غفار الذنوب ، أي كلها. واستغراق المفرد يكون أشمل من استغراق الجمع ، ويتبين ذلك بأن ليس يصدق : لا رجل في الدار في نفي الجنس ، إذا كان فيها رجل أو رجلان ، ويصدق : لا رجال في الدار.
ومن هذا يعرف لطف ما يحكيه ، تعالى ، عن زكريا عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)(٣) دون : وهن العظام ، حيث توصل باختصار اللفظ إلى الإطناب في معناه ، وإذا عرفت هذا ، فنقول : متى قلنا : زيد المنطلق ، أو المنطلق زيد في المقام الخطابي ؛ لزم أن يكون غير زيد منطلقا ، ولذلك ينهى أن يقال : زيد المنطلق وعمرو ، بالواو ، ولا ينهى أن يقال : زيد المنطلق لا عمرو ، بحرف لا ، ثم إذا كان الأمر في نفسه كذلك ، كما إذا قلت : الله العالم الذات ، حمل على الانحصار حقيقة ، وإلّا كما في
__________________
(١) روى مرفوعا إلى النبي وحسنه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (٦٦٥٣) والصحيحة (٩٣٥).
(٢) كذا في المطبوع (ط) و (د) و (غ) على صورة المرفوع ، وهو استثناء تام موجب ، واجب النصب ، وكتابة المنصوب بدون الألف لغة ربيعة ، وقد سبق التنبيه على مثل هذا.
(٣) سورة مريم ، الآية ٤.