قال أحد : عرفت شركاء الله ، يقف [شعرك](١) فزعا ، وتقول : لله شركاء؟ وعليه قوله تعالى (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ)(٢) أو لعارض يورثه ذلك ، كما إذا أخذت في الحديث ، وتوهمت لقرائن الأحوال من أنت معه في الحديث ملتفت الخاطر إلى معنى ينتظر من مساقك الحديث إلمامك به ، فيبرز ذلك المعنى عندك في معرض أمر يتجدد في شأنه التقاضي ساعة فساعة ، فكما تجد له مجالا في الذكر صالحا تتوقف أن تذكره ، مثل ما تقول لصاحبك : أعجبني المسألة الفلانية من كتابك ، وتأخذ في كيت [وذيت](٣) .. وله كتاب آخر فيه مسائل ، فتحدث أن كتابه الآخر واقع الآن في ذهنه ، وهو كالمنتظر : هل تورده في الذكر ، فتقول : وأعجبني من كتابك الآخر المسألة الفلانية ، فتقدم المجرور على المرفوع ، أو كما إذا وعدت ما أنت تستبعد وقوعه ، فإنك حال التفات خاطرك إلى وقوعه من جهة تبعده ، ومن جهة أخرى أدخل في تبعيده ، تجد تفاوتا في إنكارك إياه ضعفا وقوة بالنسبة ، ولامتناع إنكاره بدون القصد إليه تستتبع تفاوته ذاك تفاوتا في القصد إليه والاعتناء بذكره.
فأنت في الأول إذا أنكرت ، أوجبت البلاغة أن تقول : شيء حاله في البعد من الوقوع هذه أنّى يكون ، لقد وعدت أنا وأبي وجدي هذا ، إن هو إلا من اختراعات المموهين ، وأصحاب التلبيس ، فتذكر المنكر بعد المرفوع في موضعه من الكلام ، وأن تقول في الثاني : شيء حاله في البعد من الوقوع إلى هذه الغاية على من يروج ، لقد وعدت هذا أنا وأبي وجدى ، فتقدم المنكر على المرفوع.
أو كما إذا عرفت في التأخير مانعا مثل الذي في قولك : رأيت الجماعة من محبيك التي نأت ثم دنت ، إذا قدمت من محبيك أفاد أن الجماعة المرئية جماعة من محبيك من
__________________
(١) في (غ): (رأسك).
(٢) سورة الأنعام الآية ١٠٠.
(٣) في (غ) (وكيت). وفي اللسان : كان من الأمر كيت وكيت ، بغير تنوين ، وذيت وذيت ، كذلك بالتخفيف.