و (مهما) أعم ، قال الله تعالى : (وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)(١).
ووجهه إذا قدر الأصل ما ما ظاهر.
و (أي) لتعميم ما يضاف إليه من ذوي العلم وغيرهم.
و (أنّى) لتعميم الأحوال الراجعة إلى الشرط ، كما تقول : أنّى تقرأ أقرأ ، أي على أي حال توجد القراءة من جهرها أو همسها أو غير ذلك ، أوجدها أنا ، والمطلوب بهذه المعممات ترك تفصيل إلى إجمال مع الاحتراز عن تطويل ، إما غير واف بالحصر ، أو ممل ، ألا تراك في قولك : من يأتني أكرمه ، كيف تستغني عن التفصيل والتطويل في قولك : إن يأتني زيد أكرمه ، وإن يأتني عمرو أكرمه ، وإن يأتني خالد أكرمه ، إلى عدد تعذر استيعابه مع قيام الإملال؟ قال الله تعالى : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ)(٢) أي : أيما مكلف أطاع الله في فرائضه ، ورسوله في سننه ، وخشي الله على ما مضى من ذنوبه ، واتقاه فيما يستقبل ، فقد فاز الفوز بحذافيرها.
واعلم أن الجزاء والشرط في غير (لو) ، لما كان تعليق حصول أمر بحصول ما ليس بحاصل ، استلزم ذلك في جملتيهما امتناع الثبوت ، فامتنع أن تكونا اسميتين أو إحداهما ، وكذا امتناع المضي ، فامتنع أن يكون الفعلان ماضيين أو أحدهما ، ويظهر من هذا أن نحو : إن أكرمتني أكرمتك ، وإن أكرمتني أكرمك ، وإن تكرمني أكرمتك ، ونحو : إن تكرمني فأنت مكرم ، ونحو : إن أكرمتني الآن ، فقد أكرمتك أمس ، مما لا موجب لكونه مضارعا معه ، كنون التأكيد ، في نحو : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً)(٣) ، (فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ
__________________
(١) سورة الأعراف الآية : ١٣٢.
(٢) سورة النور الآية : ٥٢.
(٣) سورة البقرة الآية ٣٨.