ادعى أن كون مصعب كما ذكر جلي ، وأنه عادة الشعراء يدعون الجلاء في كل ما يمدحون به ممدوحيهم ، ألا يرى إلى قوله (١) :
وتعذلني أفناء سعد عليهم ... |
|
وما قلت إلّا بالتي علمت سعد؟ |
وإلى قوله (٢) :
لا أدّعي لأبي العلاء فضيلة ... |
|
حتى يسلّمها إليه عداه |
وإلى قوله (٣) :
فيا من لديه ، أنّ كلّ امرئ له ... |
|
نظير ، وإن حاز الفضائل ، هل له؟ |
وما يحكى عن اليهود ، في قوله عز وعلا : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(٤) ادعوا على مجرى عادتهم في الكذب ، وأن كونهم مصلحين ، أمر ظاهر مكشوف لا سترة به ، ولذلك أكد الأمر جل وعلا ، في تكذيبهم ، حيث قال : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ)(٥) فجاء بالجملة اسمية ، ومعرفة الخبر باللام ، وموسطة الفصل ، ومؤكدة بأن ومصدرة بحرف التنبيه.
وإذ قد ذكرنا القصر فيما بين المسند والمسند إليه بالطرق التي سمعت ، فقد حان أن نذكره فيما بين غيرهما : كالفاعل والمفعول ، وكالمفعولين ، وكذي الحال والحال ، ونحن نذكره في ذلك بطريق : النفي والاستثناء ، وطريق (إنما) دون ما سواهما ، فلهما هناك عدة اعتبارات تراعى ، فلا بد من تلاوتها عليك.
__________________
(١) أورده القزوينى في الإيضاح ص (٢٢١) والبيت للحطيئة.
(٢) أورده بدر الدين بن مالك في المصباح ص (٩٩) بلا عزو.
(٣) لم أعثر عليه.
(٤) سورة البقرة الآية ١١.
(٥) سورة البقرة الآية ١٢.