أزرك ، وأما العرض ، كقولك : ألا تنزل تصب خيرا؟ على معنى : إن تنزل تصب خيرا ، فليس بابا على حدة ، وإنما هو من مولدات الاستفهام كما عرفت ، وقولك في الأمر : أكرمني أكرمك. قال تعالى : (فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا* يَرِثُنِي)(١) بالجزم ، وأما قراءة الرفع فالأولى حملها على الاستئناف دون الوصف ، لئلا يلزم منه أنه لم يوهب من وصف ؛ لهلاك يحيى قبل زكريا ، وقال تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ)(٢) ومنهم من يضمر لام الأمر مع : يقيموا ، إلا أن إضمار الجازم نظير إضمار الجار ، فانظر ، وقولك في النهي : لا تشتم يكن خيرا لك ، على معنى : إن لا تشتم يكن خيرا لك. وتقدير الشرط لقرائن الأحوال غير ممتنع ، قال تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ)(٣) على تقدير : إن افتخرتم بقتلهم فأنتم لم تقتلوهم ، وقال تعالى : (فَاللهُ هُوَ الْوَلِيُ)(٤) على تقدير : إن أرادوا وليّا بحقّ ، فالله هو الولي بالحق لا ولي سواه ، وأمثال ذلك في القرآن كثيرة ، وكذا تقدير الجزاء لها كذلك ، قال تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ)(٥) وترك الجزاء وهو : ألستم ظالمين لذكر الظلم عقيبه في قوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ).
__________________
(١) سورة مريم الآيات ٥ ـ ٦. قرأ أبو عمرو والكسائي (يرثنى ويرث) بالجزم ، وقرأهما الباقون بالرفع.
اختلاف الإعراب في القراءات السبع ص ٢٩٢.
(٢) سورة إبراهيم الآية ٣١.
(٣) سورة الأنفال ، الآية ١٧.
(٤) سورة الشورى الآية : ٩.
(٥) سورة الأحقاف الآية : ١٠.