كأنما المرّيخ والمشترى ... |
|
قدّامه في شامخ الرّفعه |
منصرف بالليل عن دعوة ... |
|
قد أسرجت قدّامه شمعه |
فالمراد تشبيه الهيئة الحاصلة من المريخ والمشترى قدامه بالهيئة الحاصلة من المنصرف عن الدعوة مسرج الشمع من دونه.
وتسمى أمثال ما ذكر من الأبيات تشبيه المركب بالمركب. والمذكور قبلها تشبيه المفرد بالمفرد ، وهذا فن له فضل احتياج إلى سلامة الطبع وصفاء القريحة ، فليس الحاكم في تمييز البابين ، إذا التبس أحدهما بالآخر ، سوى ذلك. ومن تشبيه المفرد بالمفرد قوله (١) :
كأن قلوب الطّير رطبا ويابسا ... |
|
لدى وكرها العنّاب والحشف البالي |
وإما أن يكون مستندا إلى العقل ، كما إذا شبهت أعمال الكفرة بالسراب في المنظر المطمع مع المخبر المؤيس (٢) ، وكما إذا شبهت الحسناء من منبت السوء بخضراء الدمن (٣) ، في حسن المنظر المنضم إلى سوء المخبر ، والتعري عن أثمار خير ، أو الجماعة المتناسبة في الخصال ، الممتنعة لذلك عن تعيين فاضل بينهم ومفضول ، بالحلقة المفرغة
__________________
(١) أورده فخر الدين الرازي في نهاية الإيجاز ص ٢٠٨ وعزاه لامرئ القيس ، وبدر الدين بن مالك في المصباح ص ١٠٨ ، والقزويني في الإيضاح ص ٣٦٧ ، والطيبى في شرحه على مشكاة المصابيح (١ / ١٠٧) ، والعلوى في الطراز (١ / ٢٩١)
والعناب : شجر حبه كحب الزيتون ، أحمر حلو واحدته عنابة. والحشف : من التمر : ما لم ينو.
(٢) كما في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ) النور : ٣٩.
(٣) كما في حديث : إياكم وخضراء الدمن قالوا : وما خضراء الدمن؟ قال : المرأة الحسناء في المنبت السوء ، وهو حديث ضعيف جدا ، رواه القضاعى في مسند الشهاب ، والدارقطني في الأفراد وقال : تفرد به الواقدى وهو ضعيف. قال الشيخ الألباني : بل هو متروك ، فقد كذبه الإمام أحمد والنسائي وابن المديني وغيرهم. وانظر السلسلة الضعيفة للشيخ الألباني (١ / ٦٩ / ح ١٤).