نقرتها الديكة ؛ إظهارا له في صورة أشوه ؛ إرادة ازدياد القبح والتنفير ، أو كما إذا شبهت الفحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب ، نقلا له عن صحة الوقوع إلى امتناعه عادة ليستطرف.
وللاستطراف وجه آخر ، وهو أن يكون المشبه به نادر الحضور في الذهن ، إما في نفس الأمر كالذي نحن فيه ، فإذا أحضر استطرف استطراف النوادر عند مشاهدتها ، واستلذ استلذاذها لجدتها ، فلكل جديد لذة. وإما مع حضور المشبه في أوان الحديث فيه ، مثل حضور النار والكبريت مع حديث البنفسج والرياض ، كما في قوله (١) :
ولا زورديّة تزهو بزرقتها ... |
|
بين الرياض على حمر اليواقيت |
كأنها فوق قامات ضعفن [بها](٢) ... |
|
أوائل النّار في أطراف كبريت |
فإن [صورة](٣) اتصال النار بأطراف الكبريت ليست مما يمكن أن يقال : إنها نادرة الحضور في الذهن ، ندرة صورة بحر من المسك موجه الذهب ، وإنما النادر حضورها مع حديث البنفسج ، فإذا أحضر إحضارا مع الشبه استطرف لمشاهدة عناق بين صورتين لا تتراءى ناراهما ، وهل الحكاية المعروفة في حديث حسد جرير (٤) لعدي [بن](٥) الرقاع إلا لعين ما نحن فيه؟
__________________
(١) أورده الطيبى في التبيان (١ / ٢٧٣) بتحقيقى وعزاه لابن المعتز ، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات ص ١٨٨ ، والقزوينى في الإيضاح ص ٣٥٩ ، والعلوى في الطراز (١ / ٢٦٧).
اللازوردية : البنفسجية. نسبة إلى اللازورد ، وهو حجر نفيس.
(٢) ليست في (غ).
(٣) ليست في (غ).
(٤) جرير بن عطية الخطفي ، من بني كلب بن يربوع أحد فحول الشعراء في العصر الأموي. في : الأغاني ، الشعر والشعراء ، شرح شواهد المغني ، الموشح ، خزانة الأدب ، وغيرها.
(٥) ليست في (د).