تسمعهما في فصل الاستعارة بالكناية.
ويسمى المشبه به ، سواء كان هو المذكور أو المتروك ، مستعارا منه ، واسمه مستعارا. والمشبه به ، مستعارا له. والذي قرع سمعك ، من أن الاستعارة تعتمد إدخال المستعار له في جنس المستعار منه ، هو السر في امتناع دخول الاستعارة في الأعلام ، اللهم إلا إذا تضمنت نوع وصفية لسبب خارج ، تضمن اسم خ خ حاتم الجود ، وخ خ مادر البخل (١) ، وما جرى مجراهما.
وأما عد هذا النوع لغويّا ، فعلى أحد القولين ، وهو المنصور ، كما ستقف عليه ، وكان شيخنا الحاتمي ، تغمده الله برضوانه ، أحد ناصريه ، فإن لهم فيه قولين :
أحدهما : أنه لغوي ، نظرا إلى استعمال الأسد في غير ما هو له عند التحقيق ، فإنا ، وإن ادعينا للشجاع الأسدية ، فلا نتجاوز حديث الشجاعة حتى ندعي للرجل صورة الأسد ، وهيئته وعبالة (٢) عنقه ، ومخالبه وأنيابه ، وما له من سائر ذلك من الصفات البادية لحواس الأبصار. ولئن كانت الشجاعة من أخص أوصاف الأسد وأمكنها ، لكن اللغة لم تضع الاسم لها وحدها ، بل لها في مثل تلك الجثة ، وتلك الصورة والهيئة ، وهاتيك الأنياب والمخالب ، إلى غير ذلك من الصور الخاصة في جوارحه ، جمع.
ولو كانت وضعته لتلك الشجاعة التي تعرفها لكان صفة لا اسما ، ولكان استعماله ، فيمن كان على غاية قوة البطش ونهاية جراءة المقدم ، من جهة التحقيق لا من جهة التشبيه ، ولما ضرب بعرق في الاستعارة إذ ذاك البتة ، ولانقلب المطلوب بنصب القرائن ، وهو منع الكلمة عن حملها على ما هي موضوعة له ، إلى إيجاب حملها على ما هي موضوعة له.
__________________
(١) في المثل : ألأم من مادر ، وهو جد بنى هلال بن عامر ، وفي الصحاح : هو رجل من هلال بن عامر بن صعصعة ؛ لأنه سقى إبله فبقى في أسفل الحوض ماء قليل ، فسلح فيه ، ومدر به حوضه بخلا أن يشرب من فضله : لسان العرب (مدر).
(٢) العبل : الضخم من كل شىء.