ومن الخامس قوله عز اسمه : (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ)(١) ؛ فالمستعار منه التكبر ، وهو عقلي ، والمستعار له كثرة الماء ، وهو حسي ، والجامع : الاستعلاء المفرط. وقوله : (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ)(٢) فالعتو ههنا ، مستعار استعارة الطغيان في المثال الأول ، وقوله : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ)(٣) ، فالنبذ وراء الظهر ـ وهو : أن تلقي الشيء خلفك ـ أمر حسي ، ثم وقع مستعارا للتعرض للغفلة وإنه أمر عقلي ، والجامع الزوال عن المشاهدة. وقوله : (وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً)(٤) ، فالإحياء أمر عقلي ، ثم وقع مستعارا لإظهار النبات والأشجار والثمار ، وإنه أمر حسي ، وكذلك قوله : (فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً)(٥) ؛ أي أحيينا.
واعلم أن الكلام في جميع ما ذكر من الأمثلة ، في الأنواع الخمسة ، قول الأصحاب ، ولعل لي في البعض نظرا.
__________________
(١) سورة الحاقة ، الآية : ١١.
(٢) سورة الحاقة ، الآية ٦.
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٨٧.
(٤) سورة ق ، الآية : ١١ وفي النسخ (فأحيينا) وهو تصحيف.
(٥) سورة الزخرف ، الآية : ١١.