وأما المثبة البعضية فتنعكس بعضية. ويبين انعكاسها منها بالافتراض أو بالخلف ، فالافتراض : هو أن تقول : بعض الأسماء كلمة ، وذلك البعض : رجل ، بحكم الفرض والتعيين ، فهو : اسم وكلمة ، وكلمة واسم فبعض الكلم اسم. والخلف هو أن تقول : بعض الأسماء كلمة ، فبعض الكلم اسم ، وإلا فلا شيء من الكلم ، ما دامت كلمة ، باسم ، بحكم النقيض ، ولا شيء من الأسماء بكلمة ، بحكم العكس ، بالطريق المذكور. وقد كان بعض الأسماء كلمة هذا خلف.
وأما جهة كونهما مطلقتين ، فعند المتقدمين لا تتغير ، وعند المتأخرين تتغير إلى الإمكان العام ، وعمدتهم في ذلك هو : أنهم يقولون : المثبتة الضرورية كقولنا : خ خ كل متحرك جسم بالضرورة ، لا يجب أن يكون عكسها مطلقا عاما كقولنا : خ خ بعض الأجسام متحرك بالإطلاق ، وإنما يجب أن يكون ممكنا عاما كقولنا : خ خ بعض الأجسام متحرك بالإمكان العام ، والممكن العام لا يجب أن يكون موجودا. ثم بعد هذا يقولون : فإذا لم يجب في عكس الضرورية الإطلاق ، فأولى أن لا يجب في المطلقة العامة ؛ فإن أقوى درجات المطلقة العامة هي أن تكون ضرورية ، لاحتمال المطلق العام إياها ، ثم إذا كان نفس الضروري ، لا يجب أن يكون عكسه مطلقا عاما ، فالقول : بأن عكس المطلق العام يجب أن يكون عكسه مطلقا عاما ، خطأ ، لكنا نقول : قولكم ، يصدق كل متحرك جسم بالضرورة ، ولا يصدق بعض الأجسام متحرك بالضرورة ، لا يلزم منه أنه إذا لم يصدق بالضرورة أن لا يصدق بغير الضرورة ، ونحن إذا بينا صدقه بغير الضرورة ، ثبت ما نقول من أن المثبتة الكلية ، إذا صدقت ، لزم أن يصدق عكسها.
نعم يبقى أن يقال : بالضرورة تتغير إلى الاستدلال ، لكنا نقول : المطلوب من الضرورة في القضايا هو العلم ، فإذا حصل العلم ، كان النزاع فيما وراء ذلك نزاعا لا تضايق فيه ، وبيان صدقها بغير الضرورة هو أنا نقول : إذا صدق كل متحرك جسم ، فصدقه ـ سواء قدر في الذهن أو في الخارج ، أو فيهما معا ـ لا يصح إلا بأن يكون الجسم مع المتحرك بذلك التقدير ، وإذا كان الجسم مع المتحرك ، لزم في بعض المتحرك أن يكون مع الجسم بذلك التقدير ، وإلا لزم أن يكون ال خ خ مع حاصلا حين لا يكون حاصلا ، لما سبق من التقرير ، ومن تحقيق أن مثل قول القائل : كل متحرك جسم بالضرورة ، ويصدق ويكذب : بعض الأجسام متحرك بالضرورة ، قول من باب