وقد منع عن صحة انعكاسها بوجوه : منها ، إن قيل ، إن قولنا : خ خ كل إنسان يمكن بالإمكان الخاص أن يكون كاتبا قضية صادقة ، وكل ما يمكن بالإمكان الخاص أن يكون ، يمكن أيضا لا يكون ، فإذن : كل إنسان يمكن بالإمكان الخاص أن لا يكون كاتبا ، وكل ما يمكن في وقت ، يمكن في كل وقت ، والألزم الانتقال من الإمكان الذاتي إلى الامتناع الذاتي ، وهو محال : فإذن : كل إنسان يمكن أن يكون دائما لا كاتبا ، وكل ممكن بأنه لا يلزم من فرض وقوعه محال ، وليفرض صدق قولنا دائما : خ خ لا إنسان من الناس بكاتب ، فهذه سالبة دائمة غير ممتنعة ، مع أن عكسها ، وهو قولنا : لا كاتب واحد بإنسان خ خ ، كاذب ؛ فعلمنا أن هذه السالبة لا تنعكس ، والجواب عندي هو : أن ادعاء الكذب لقولنا : خ خ لا كاتب واحد بإنسان ، غير صحيح ، مع الفرض المقدم ذكره ، وذلك أن كذبه ، إن كان ، لم يكن إلا لأن الكتابة لا تنفك عن الإنسان ، إلا أن دعوى لا انفكاكها عنه إما أن يكون في الوجود ، أو في التصور ، أو فيهما معا. لكن ادعاء كذبه في الوجود الخارجي ، إنما يصح عند فرض وجود كاتب إنسان ، لكن صحة فرض وجود الكاتب الإنسان ، الذي هو عين وجود الإنسان ، لكاتب ، مع صحة الفرض المقدم محال ، فادعاء كذبه في الوجود لا يصح ، وادعاء كذبه في التصور لا يصح أيضا ؛ لأن قولنا دائما : لا إنسان من الأناسي بكاتب ، إن أريد الدوام المتناول لأوقات التصور والوجود ، استلزم الفرض المقدم ، فرض تصور الإنسان لا مع الكتابة في جميع أوقات التصور ، فادعاء كذبه إنما يثبت إذا صح تصور الكاتب للإنسان ، الذي هو عين تصور الإنسان الكاتب ، لكن صحة فرض ذلك مع صحة الفرض المقدم محال ، فادعاء كذبه في التصور لا يصح ، وإن خصص الدوام بأوقات الوجود الخارجي دون أوقات التصور ، فادعاء كذبه في الوجود لم يصح للفرض المقدم ، وادعاء كذبه في التصور لم يصح لعدم اتحاد مورد انفكاك اللإنسان عن الكاتب ، ولا انفكاك الكاتب عن الإنسان ، وإذا كان ادعاء كذبه في الوجود الخارجي لا يصح ، وفي التصور لا يصح ، كان ادعاؤه فيها لا يصح أيضا ، ومنها إن قيل : ما حاصله هو : إن من المحتمل أن يكون سلب الشيء عن الشيء دائما ممكنا ، ولا يكون سلب الآخر عن الأول ، ممكنا ، وجوابه عندي : أنه راجع إلى التقرير الأول ، ودفعه بما تقدم ، ومنها إن قيل : صحة انعكاسها دائمة ، يقدح في حقية ما اختاره المتأخرون ، من أن عكس المثبتة الضرورية يجب أن يكون ممكنة