المطلوب به معونة في الغواية ، ومددا للضلال ، ونصرة للباطل؟ وكذا غير المجسم ، إذا صادف ما يوافق بظاهره باطله؟.
فيقال لمثل هذا القائل : حبك الشيء يعمي ويصم. أليس إذا [أخذه](١) المجسم يستدل به لمذهبه ، فقيل له : لعل الله كذب ، يقول : كيف يجوز أن يكذب الله تعالى؟ فيقال : لحاجة من الحاجات تدعوه إلى الكذب ، فيقول : كيف تجوز الحاجة على الله تعالى؟ فيقال له : أليس الله بجسم عندك؟ وهل من جسم لا حاجة له؟ فيتنبه لخطئه ، ويعود ألطف [إرشادا](٢) وأبلغ هداية ، كما ترى ، هذا في حق المبطل.
وأما المحق ، فمن سمعه دعاه إلا النظر ، فأخذ في اكتساب المثوبة بنظره ، ثم إذا لم يف نظره دعاه إلى العلماء ، فيتسبب ذلك لفوائد لا تعد ولا تحد.
ومنها أنهم يقولون : لا شبهة في أن التكرار شيء معيب ، خال عن الفائدة ، وفي القرآن من التكرار ما شئت ، ويعدون قصة فرعون ونظائرها ونحو : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٣) و (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٤) وغير ذلك مما ينخرط في هذا السلك.
فيقال لهم : أما إعادة المعنى بصياغات مختلفة ، فما أجهلكم في عدها تكرارا ، وعدها من عيوب الكلام.
إذا محاسني اللاتي أدلّ بها ... |
|
كانت ذنوبي ، فقل لي كيف أعتذر؟ |
أليس لو لم يكن في إعادة القصة فائدة ، سوى تبكيت الخصم ، لو قال عند التحدي لعجزه : قد سبق إلى صوغها الممكن فلا مجال للكلام فيها ثانيا لكفت؟
وأما نحو : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) و (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) فمذهوب
__________________
(١) في (د ، غ) : أخذ.
(٢) في (د ، غ) إرشاد.
(٣) سورة الرحمن : في كثير من الآيات.
(٤) سورة المرسلات : في كثير من الآيات ، والمطففين : ١٠.