المضموم العين نحو : شرف ، بابه لا يكون إلا لازما ما لم يأت فيه متعد ؛ إلا قولهم : رحبتك الدار. وأنه في التقدير رحبت بك. وهو أحد أبنية التعجب. واللازم هو ما اقتصر على الفاعل ، والمتعدي ما يتجاوزه. وهذا الباب يسميه أصحابنا بأفعال الطبائع ، ولا يكون مضارعه إلا مضموم العين والماضي المكسور العين يكثر فيه الإعراض من العلل والإحزان وأضدادها ، ولا يضم العين من مضارعه البتة. لكن في الأغلب تفتح في الصحيح وتكسر في المثال. والماضي المفتوح العين إذا لم يكن عينه أو لامه حرفا حلقيا (١) ، ولا يعتبر الألف ههنا لكونها منقلبة لا محالة من إحدى أختيها ، لا يكون مضارعه مفتوح العين ، ولتوقف انفتاح ما نحن فيه على ما نبهت عليه من الشرط ، حمل أصحابنا فعل يفعل ـ بالفتح فيهما ـ على الفرعية ، وجعلوا الأصل الكسر لمناسبات تآخذت ، كحذف الواو في نحو : يضع ، وأمثال ذلك فتأملها. وما قد يأتيك بخلاف ما قرع سمعك كنحو : فضل : بكسر العين ويفضل بضمها ، وكنحو : ركن يركن بالفتح فيهما وغير ذلك ، فإلى التداخل. ولا يبعد عندي حمل أبى يأبى بالفتح فيهما لعدم نظائره على التداخل بواسطة طريق الاستغناء ، وهو ترك شيء لوجود آخر مكانه ، مثل [ماضى](٢) يذر لمكان ترك. وأن أفعل الغالب عليه التعدية ، وهي أعني التعدية ، بالهمزة ، قياس في باب التعجب ، يؤخذ الفعل فينقل إلى باب أفعال الطبائع تحصيلا للمبالغة. وينبه على هذا النقل إيجابهم فيما يشتق منه أن يكون على ثلاثة أحرف وأن لا يكون فيه لون ولا عيب لانجذاب ذلك إلى المزيد ، وهو باب افعال ، وأنه لا يكون مبنيا للمفعول لامتناع فعل الغير طبيعة لك. ثم بعد ذلك يعدى بالهمزة ، ويقال : ما أكرم زيدا على معنى شيء جعله كريما ، وأكرم بزيد ، على معنى اجعله كريما ، أي اعتقد كرمه ، والباء زائدة جارية هذه الصورة مجرى المثل ، ممتنعة لذلك عن أن يقال : أكرما أكرموا وأكرمي أكرمن. وسيطلعك علم البيان على وجه امتناع الأمثال عن التغير ،
__________________
(١) الحروف الحلقية ستة هي : الهمزة والهاء والحاء والخاء والعين والغين.
(٢) في (ط): (ما مضى).