الظاهرة ، على أنه لا يعذبهم (١) الله ، وكان ذلك بمنزلة الاستثناء باللفظ ، فلما قال المشركون : هذا [هو] (٢) المسيح وعزير قد عبدا من دون الله أنزل الله (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ) (الأنبياء : ١٠١).
وقوله : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) (الرعد : ١٢) ففسّر رؤية البرق بأنه ليس في رؤيته [إلا] (٣) الخوف من الصواعق والطمع (٤) في الأمطار. وفيها لطيفة ، وهي تقديم الخوف على الطمع إذ كانت الصواعق تقع من أول برقة ، ولا يحصل المطر إلا بعد تواتر البرقات ، فإن تواترها لا يكاد يكذب ، فقدم الخوف على الطمع ، ناسخا للخوف ، كمجيء (٥) الفرج بعد الشدة.
وكقوله : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ ...) الآية (النور : ٤٥) وفيها لطيفة حيث بدأ بالمشي على بطنه ، فإنها سيقت لبيان القدرة ، وهو أعجب من الذي بعده ، وكذا ما يمشي على رجلين أعجب ممن يمشي على أربع.
وكقوله تعالى : (فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) (النساء : ٢٥) فهذا عام في المسلم والكافر ، ثم بيّن أن المراد «المؤمنات» بقوله (٦) : (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) (النساء : ٢٥) فخرج تزوج (٧) الأمة الكافرة.
وقوله تعالى : (وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى) (الإسراء : ٧٢) فإن الأول اسم [منه] (٨) والثاني أفعل تفضيل ، بدليل قوله بعده : (وَأَضَلُّ سَبِيلاً) (الإسراء : ٧٢) ولهذا قرأ أبو عمرو (٩) الأول بالإمالة [لأنه] (٨) اسم ، والثاني بالتصحيح ليفرق بين ما هو اسم ، وما هو «أفعل» [منه] (٨) بالإمالة وتركها. (فإن قلت) : فقد قال النحويون : أفعل [التفضيل] (٨) لا يأتي من الخلق ، فلا يقال : زيد أعمى من عمرو ؛ لأنه لا
__________________
(١) في المطبوعة (يعذبهما).
(٢) ليست في المطبوعة.
(٣) ساقطة من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (أو الطمع).
(٥) في المخطوطة (ليجيء).
(٦) في المخطوطة (من قوله).
(٧) في المخطوطة (تزويج).
(٨) ساقطة من المخطوطة.
(٩) قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي الإمالة في الاثنين ، وأبي عمرو بالإمالة في الأول فقط وورش بين بين على أصله فيهما ، والباقون بالفتح. (الداني ، التيسير ، ص : ١٤٠).