(فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) (البقرة : ١٧٥) وقوله : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (عبس : ١٧) ويأ ايّها الإنسان ما اغرّك (الانفطار : ٦) في (١) قراءة من زاد الهمزة (٢).
ثم قال المحققون : التعجّب مصروف إلى المخاطب ، ولهذا تلطف الزمخشري (٣) فيعبّر عنه بالتعجب ، ومجيء التعجب من الله كمجيء الدعاء منه والترجّي ؛ وإنما هذا بالنظر إلى ما تفهمه العرب ، أي هؤلاء عندكم ممن يجب أن تقولوا لهم هذه. وكذلك تفسير سيبويه [١٢٧ / ب] قوله (٤) تعالى : (لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى) (طه : ٤٤) قال : المعنى : اذهبا على رجائكما وطمعكما (٥) قال ابن الضائع : «وهو حسن جدا».
(قلت) : «وذكر سيبويه (٦) أيضا قوله تعالى : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات : ١٥) (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (المطففين : ١) فقال : لا أن تقول دعاء هاهنا ، لأن الكلام بذلك قبيح ، ولكن العباد إنما كلموا بكلامهم ، وجاء القرآن على لغتهم وعلى ما يعنون ؛ فكأنه ـ والله أعلم ـ قيل لهم : (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ) (المطففين : ١) و (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (المرسلات : ١٥) أي هؤلاء ممن وجب هذا القول لهم ؛ لأن [هذا] (٧) الكلام إنما يقال لصاحب الشر والهلكة ، فقيل : هؤلاء ممن دخل في الهلكة ، ووجب لهم هذا». انتهى.
ومنها الأمر ، كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ) (البقرة : ٢٢٨) (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ) (البقرة : ٢٣٣) فإن السياق يدل على أن الله تعالى أمر بذلك ؛ لا أنه (٨) خبر ، وإلا لزم الخلف في الخبر ، وسبق في المجاز.
ومنها النهي ، كقوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ) (الواقعة : ٧٩).
ومنها الوعد ، كقوله : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ) (فصلت : ٥٣).
__________________
(١) في المخطوطة (على).
(٢) وهي قراءة الأعمش وسعيد بن جبير (البحر المحيط ٩ / ٤٣٦).
(٣) انظر الكشاف ٤ / ١٩٣.
(٤) في المخطوطة (وقوله). وانظر الكتاب لسيبويه ١ / ٣٣١ (تحقيق عبد السلام محمد هارون) باب من النكرة يجري مجرى ما فيه الألف واللام من المصادر والأسماء.
(٥) في المخطوطة (أو طمعكما).
(٦) انظر المصدر السابق.
(٧) ساقطة من المخطوطة.
(٨) في المخطوطة (لأنه).