الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) (الأنعام : ٨١) أي ليس الكفار آمنين ، والذين آمنوا أحقّ بالأمن ؛ ولما كان أكثر مواقع التقرير دون الإنكار ، قال : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ [بِظُلْمٍ ...) (الأنعام : ٨٢) الآية] (١).
وقد يحتملهما ، كقوله : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) (الحجرات : ١٢).
ويحتمل أنه استفهام تقرير ، وأنه طلب منهم أن يقروا بما عندهم تقرير ذلك ؛ ولهذا قال مجاهد : التقدير «لا» فإنهم لما استفهموا استفهام تقرير بما لا جواب له إلا أن يقولوا «لا» جعلوا كأنهم قالوا ؛ وهو قول الفارسي والزمخشري (٢). ويحتمل أن يكون استفهام إنكار بمعنى التوبيخ على محبتهم لأكل لحم أخيهم فيكون «ميتة» ، والمراد محبتهم له غيبته على سبيل المجاز ، و (فَكَرِهْتُمُوهُ) بمعنى الأمر ، أي اكرهوه. ويحتمل أن يكون استفهام إنكار بمعنى التكذيب ، أنهم لما كانت حالهم حال من يدّعي محبة أكل لحم أخيه نسب ذلك إليهم ، وكذبوا فيه ، فيكون (فَكَرِهْتُمُوهُ) (٣) [خبرا] (٤).
***
(الخامسة) (٥) : إذا خرج الاستفهام عن حقيقته ؛ فإن أريد التقرير ونحوه لم يحتج إلى معادل ، كما في قوله تعالى : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (البقرة : ١٠٦) فإن معناه التقرير. وقال ابن عطية : «ظاهره الاستفهام المحض ، والمعادل (٦) [على قول جماعة : (أَمْ تُرِيدُونَ) (البقرة : ١٠٨). وقيل (أَمْ) منقطعة فالمعادل] (٦) عندهم محذوف ، أي «[أم] (٦) علمتم» ، وهذا كله على أن القصد بمخاطبة النبي صلىاللهعليهوسلم مخاطبة أمته ، وأما إن كان هو المخاطب وحده فالمعادل محذوف لا غير ، وكلا القولين مرويّ» (٧). انتهى.
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) انظر الكشاف ٤ / ١٥.
(٣) في المخطوطة (كرهتموه).
(٤) ساقطة من المطبوعة.
(٥) أي الفائدة الخامسة من فوائد الاستفهام المبتدأ بها ص ٤٣٣.
(٦) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٧) انظر المحرر الوجيز ١ / ٣٨٥.