وما قاله غير ظاهر ، والاستفهام هنا للتقرير فيستغنى عن المعادل ، أما إذا كان على حقيقته ، فلا بدّ من تقدير المعادل ، كقوله [تعالى] (١) : (أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) (الزمر : ٢٤) أي ، كمن ينعم في الجنّة؟.
وقوله تعالى : (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) (فاطر : ٨). أي كمن هداه الله ، بدليل قوله تعالى : (فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) (فاطر : ٨) التقدير : ذهبت نفسك عليهم حسرات ، (٢) [بدليل (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)] (٢) (فاطر : ٨).
وقد جاء في التنزيل موضع صرّح فيه بهذا الخبر ، وحذف المبتدأ ، على العكس ممّا نحن فيه ، وهو قوله تعالى : (كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً) (٢) [فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ] (٢) (محمد : ١٥) أي أكمن (٣) هو خالد في الجنّة [١٣١ / أ] يسقى من هذه الأنهار ، كمن هو خالد في النار؟ على أحد الأوجه. وجاء مصرحا بهما على الأصل في قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ) (الأنعام : ١٢٢). (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ) (محمد : ١٤). [فرآه حسنا] (٤).
***
السادسة : استفهام الإنكار لا يكون إلا على ماض ، وخالف في ذلك صاحب «الأقصى القريب» (٥) وقال : «قد يكون عن مستقبل ، كقوله [تعالى] (٦) : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) (المائدة : ٥٠) وقوله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ) (الزمر : ٣٧)
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة (كمن).
(٤) ليست في المخطوطة.
(٥) كتاب «الأقصى القريب في علم البيان» لمحمد بن محمد أبي عبد الله التنوخي طبع في مصر عام ١٣٢٧ ه / ١٩٠٩ م (ذخائر التراث العربي ١ / ٤١٧) ومؤلفه هو محمد بن محمد بن منجى زين الدين التنوخي ، أديب دمشقي استقر ببغداد. ت ٧٤٨ ه (البغدادي ، هدية العارفين ٢ / ١٥٤).
(٦) ليست في المخطوطة.