الخالدون فإن (١) مت؟» ، وذلك لا يجوز ، لئلا يبقى (٢) [الشرط بلا جواب ؛ إذ لا يتصور أن يكون الجواب محذوفا يدل عليه ما قبله ؛ لأنّ الفاء المتصلة بإن تمنعه من ذلك ؛ ولهذا يقولون : «أنت ظالم إن فعلت» ، ولا يقولون : «أنت ظالم فإن فعلت» ، فدلّ ذلك على أن أدوات الاستفهام إنما دخلت لفظا وتقديرا على جملة] (٢) الشرط والجواب.
الثامنة (٣) : إذا تقدم أداة الشرط جملة تصلح (٤) أن تكون (٥) جزاء ، ثم ذكر فعل الشرط ولم يذكر له جواب ، نحو : «أقوم (٦) إن قمت» ، و «أنت طالق إن دخلت الدار» ؛ فلا تقدير عند الكوفيين ، بل المقدّم هو الجواب ، وعند البصريين ، دليل الجواب. والصحيح هو الأول ؛ لأن الفاء لا تدخل عليه ، ولو كان جوابا لدخلت ؛ ولأنه لو كان مقدّما من تأخير لما افترق المعنيان ، وهما مفترقان ، ففي التقدم بني الكلام على الخبر ثم طرأ التوقف ، وفي التأخير بني الكلام من أوله على الشرط ؛ كذا قاله ابن السراج (٧) وتابعه ابن مالك (٨) وغيره.
ونوزعا في ذلك ؛ بل مع التقديم الكلام مبنيّ على الشرط ، كما لو قال : «له عليّ عشرة إلا درهما» فإنه لم يقرّ بالعشرة ، ثم أنكر منها درهما ، ولو كان كذلك لم ينفعه الاستثناء ، ثم زعم ابن السراج أنّ ذلك لا يقع إلا في الضرورة ، وهو مردود بوقوعه في القرآن ، كقوله : (وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (البقرة : ١٧٢) (٩) [وقوله : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) (الأنعام : ١١٨) وقوله (بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) (آل عمران : ١١٨) وهو كثير] (٩).
__________________
(١) في المخطوطة (أفإن).
(٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٣) تصحفت في المخطوطة إلى (السابعة).
(٤) في المخطوطة (يصح).
(٥) في المخطوطة (يكون).
(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (أقدم).
(٧) هو محمد بن السري بن سهل أبو بكر ابن السرّاج تقدمت ترجمته في ٢ / ٤٣٨ ، وانظر قوله في كتابه الأصول في النحو ٢ / ١٨٩ ، باب إعراب الفعل المعتل اللام.
(٨) هو محمد بن عبد الله بن مالك ، جمال الدين ، أبو عبد الله صاحب كتاب «التسهيل الفوائد» ، تقدمت ترجمته في ١ / ٣٨١.
(٩) ما بين الحاصرتين ليس في المطبوعة.