من هذا ، قال : وليس من الاعتراض أن يقرن الثاني بفاء الجواب (١) [لفظا ؛ نحو إن تكلم زيد فإن أجاد فأحسن إليه ؛ لأن الشرط الثاني ، وجوابه جواب الأول. أو يقرن بفاء الجواب] (١) تقديرا كهذه (٢) الآية الشريفة ؛ لأن الأصل (٣) [عند النحاة : «مهما يكن من شيء ، فإن كان المتوفّى من المقربين فجزاؤه روح» ، فحذف «مهما» وجملة شرطها ، وأنيب عنها «أمّا» فصار «أمّا» فإن كان» مفردا من ذلك لوجهين :
(أحدهما) أنّ الجواب لا يلي أداة الشرط بغير فاصل.
(وثانيهما) أن الفاء في الأصل] (٣) للعطف ؛ فحقها أن تقع بين سببين ، وهما المتعاطفان ؛ فلما أخرجوها من باب العطف ، حفظوا عليها المعنى الآخر ، وهو التوسّط ، فوجب أن يقدم شيء (٤) مما في حيّزها عليها إصلاحا للفظ ، فقدمت جملة الشرط الثاني لأنها كالجزاء الواحد ، كما قدم (٥) المفعول في [قوله تعالى] (٦) : (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (الضحى : ٩) فصار (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ) (الواقعة : ٨٨ و ٨٩) فحذفت الفاء التي في جواب «إن» لئلا يلتقي [فاءان] (٦) ، فتلخّص أنّ جواب «أمّا» ليس محذوفا ، بل مقدّما بعضه على الفاء ، فلا اعتراض.
(الآية الثانية) : قوله تعالى عن نوح : (وَلا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ (٧) [إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ) (هود : ٣٤) وإنما يكون من هذا لو كان (لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي) مؤخرا بعد الشرطين ، أو لازما أن يقدّر كذلك ، وكلا الأمرين منتف. أما الأول فظاهر ، وأما الثاني فلأنّ (لا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ)] (٧) (هود : ٣٤) جملة تامة ، أمّا على مذهب الكوفيين فمن [شرط] (٨) مؤخر وجزاء مقدم ، وأمّا على مذهب البصريين فالمقدم دليل الجزاء ، والمدلول عليه محذوف فيقدر بعد شرطه ، فلم يقع الشرط الثاني معترضا ؛ لأن
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (هذه).
(٣) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٤) في المخطوطة (شيئا).
(٥) في المخطوطة (تقدم).
(٦) ليست في المخطوطة.
(٧) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٨) ساقطة من المخطوطة.