في الماضي ، وإما في المستقبل ، والاستقبال أكثر من الماضي أبدا ، و «لا» أخف من «ما» فوضعوا الأخفّ للأكثر. ثم إن النفي في الماضي إما أن يكون نفيا واحدا مستمرا ، وإما أن يكون نفيا فيه أحكام متعدّدة ، وكذلك النفي في المستقبل ، فصار النفي على أربعة أقسام ، واختاروا له أربع كلمات : «ما» ، «لم» (١) [«لن» ، «لا». وأما «إن» و «لما» فليسا بأصليين.
ف «ما» و «لا» في الماضي والمستقبل متقابلان ، و «لم» و «لن» في الماضي والمستقبل متقابلان ، و «لم»] (١) كأنه مأخوذ من «لا» و «ما» لأن (٢) «لم» نفي للاستقبال (٣) لفظا ، فأخذ اللام من «لا» التي هي لنفي الأمر في المستقبل ، والميم من «ما» التي هي لنفي الأمر في الماضي ، وجمع بينهما إشارة [إلى أنّ في «لم»] (٤) المستقبل (٥) والماضي ، وقدم اللام على الميم إشارة إلى (٦) أن «لا» هو أصل النفي ، ولهذا ينفى بها في أثناء الكلام ، فيقال : «لم يفعل زيد ولا عمرو» و «لن أضرب زيدا ولا عمرا».
أما (٧) «لما» فتركيب (٨) بعد تركيب ، كأنه قال : «لم» و «ما» لتوكيد معنى النفي في الماضي وتفيد الاستقبال أيضا ، ولهذا تفيد «لمّا» الاستمرار (٩) ، كما قال الزمخشري (١٠) : «إذا قلت : «ندم زيد ولم ينفعه الندم» أي حال الندم لم ينفعه وإذا قلت : «ندم زيد ولمّا ينفعه الندم» أي حال الندم ، واستمر عدم نفعه». قلت : وقال الفارسي : «إذا نفي بها الفعل اختصت بنفي الحال ، ويجوز أن يتسع فيها فينفي بها الحاضر (١١) ، نحو : «ما قام وما قعد» قال الخوييّ : والفرق بين النفي «بلم» (١٢) [و «ما» أنّ النفي ب «ما» كقولك : «ما قام زيد» معناه أن وقت الاخبار هذا الوقت ؛ وهو إلى الآن ما فعل ، فيكون النفي في الماضي ، وأن النفي ب «لم»] (١٣) كقولك : «لم يقم» تجعل المخبر نفسه بالعرض متكلما في الأزمنة الماضية ، ولأنّه يقول في كل زمان في تلك الأزمنة : أنا أخبرك بأنه لم يقم. وعلى هذا فتأمل السرّ في قوله
__________________
(١) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (كان).
(٣) في المخطوطة (للاستفهام).
(٤) ساقط من المخطوطة.
(٥) في المخطوطة (للمستقبل).
(٦) في المخطوطة (على).
(٧) في المخطوطة (ما).
(٨) في المخطوطة (فتركبت).
(٩) في المخطوطة (استمرار).
(١٠) انظر قوله في المفصّل : ٣٠٧ ، ومن أصناف الحرف حروف النفي.
(١١) في المخطوطة (الخاطر).
(١٢) ما بين الحاصرتين ساقط من المخطوطة.