[تعالى] (١) : (لَمْ) (٢) يَتَّخِذْ وَلَداً (الإسراء : ١١١) وفي موضع آخر : (مَا اتَّخَذَ اللهُ مِنْ وَلَدٍ) (المؤمنون : ٩١) ، لأن الأول في مقام طلب الذكر والتشريف به للثواب ، والثاني في مقام التعليم ، وهو لا يفيد إلاّ بالنفي عن جميع الأزمنة.
وكذلك قوله : (ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) (مريم : ٢٨) وقوله : (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) (مريم : ٢٠) فإنّ مريم كأنها قالت : إني تفكرت في أزمنة وجودي ومثلتها (٣) في عيني : «لم أك بغيا» (٤) فهو أبلغ في التنزيه ؛ فلا يظنّ ظان أنها تنفي نفيا كلّيا ؛ مع أنها نسيت بعض أزمنة وجودها (٥) [وأما هم لما قالوا : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) ما كان يمكنهم أن يقولوا : نحن تصورنا كلّ زمان من أزمنة وجود أمّك ، وننفي عن كلّ واحد منها كونها بغيّا لأن أحدا لا يلازم غيره ، فيعلم كل زمان من أزمنة وجوده ، وإنما قالوا لها : إن أمّك اشتهرت عند الكلّ ، حتى حكموا عليها حكما واحدا عامّا أنّها ما بغت في شيء من أزمنة وجودها] (٥).
وكذلك قوله تعالى : (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ) (٦) (الأنعام : ١٣١) وقوله : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (القصص : ٥٩) فإنه سبحانه لما قال : (بِظُلْمٍ) كان سبب حسن الهلاك قائما ، وأما الظلم فكان (٧) يتوقع في كلّ [زمن] (٨) الهلاك ؛ سواء كانوا غافلين أم لا ؛ لكن الله برحمته يمسك عنهم في كل زمان وافقته غفلتهم. وأما قوله : (وَأَهْلُها غافِلُونَ) (٦) وإن جد الظلم لكن لم يبق سببا مع الإصلاح ، فبقي (٩) النفي العام بعدم تحقيق المقتضى في كل زمان. وكذلك قوله : (وَما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلاَّ وَأَهْلُها ظالِمُونَ) (القصص : ٥٩) لأنه لما لم يذكر الظلم لم يتوقع الهلاك ، فلم يبق متكررا في كل زمان. وكذلك قوله : (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ) [١٣٧ / أ](لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَها عَلى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (الأنفال : ٥٣) وقوله : (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ) (الأنفال : ٣٣) [ذكر عند] (١٠) ذكر النعمة لم يكن إشارة إلى الحكم في كل زمان تذكيرا بالنعمة ، وقال
__________________
(١) ليست في المخطوطة.
(٢) في المخطوطة (ولم).
(٣) في المخطوطة (أو مثلتها).
(٤) في المخطوطة (ألم).
(٥) ما بين الحاصرتين ليس في المخطوطة.
(٦) تصحفت في المخطوطة إلى (مصلحون).
(٧) في المخطوطة (وكان).
(٨) ساقطة من المخطوطة.
(٩) في المخطوطة (نفي).
(١٠) ساقطة من المخطوطة.