ما حضر من شعره ، حتى جاءت نوبة المنازي فأنشد :
لقد عرض الحمام لنا بسجع |
|
إذا أصغى له ركب تلاحى |
شجى قلب الخليّ فقيل غنّى |
|
وبرّح بالشجيّ فقيل ناحا |
وكم للشوق في أحشاء صب |
|
إذا اندملت أجدّ لها جراحا |
ضعيف الصبر عنك وإن تقاوى |
|
وسكران الفؤاد وإن تصاحى |
بذاك بنو الهوى سكرى صحاة |
|
كأحداق المها مرضى صحاحا |
فقال أبو العلاء : ومن بالعراق ، عطفا على قوله ومن بالشام. انتهى.
قصة أبي العلاء مع صاحب حلب :
قال الصلاح الصفدي في كتابه نكت الهيمان : قال سبط بن الجوزي في المرآة : قال الغزالي : حدثني يوسف بن علي بأرض الهركار قال : دخلت معرة النعمان وقد وشى وزير محمود بن صالح صاحب حلب إليه بأن المعري زنديق لا يرى إفساد الصور ، ويزعم أن الرسالة تحصل بصفاء العقل ، فأمر محمود بحمله إليه وبعث خمسين فارسا ليحملوه ، فأنزلهم أبو العلاء دار الضيافة ، فدخل عليه عمه مسلم بن سليمان وقال : يا بن أخي ، قد نزلت بنا هذه الحادثة ، الملك محمود يطلبك ، فإن منعناك عجزنا ، وإن أسلمناك كان عارا علينا عند ذوي الذمام ويركب تنوخا الذل والعار ، فقال له : هوّن عليك يا عم ، فلا بأس علينا ، فلي سلطان يذب عني. ثم قام فاغتسل وصلى إلى نصف الليل ، ثم قال لغلامه : انظر إلى المريخ أين هو ، قال : في منزلة كذا وكذا ، قال : زنه واضرب تحته وتدا وشد في رجلي خيطا واربطه إلى الوتد ، ففعل غلامه ذلك ، فسمعناه وهو يقول : يا قديم الأزل ، يا علة العلل ، يا صانع المخلوقات وموجد الموجودات ، أنا في عزك الذي لا يرام ، وكنفك الذي لا يضام ، الضيوف الضيوف ، الوزير الوزير ، ثم ذكر كلمات لا تفهم ، وإذا بهدة عظيمة ، فسئل عنها فقيل : وقعت الدار على الضيوف الذين كانوا بها فقتلت الخمسين.
وعند طلوع الشمس وقعت بطاقة من حلب على جناح طائر : لا تزعجوا الشيخ فقد وقع الحمّام على الوزير.
قال يوسف بن علي : فلما شاهدت ذلك دخلت على المعري فقال : من أنت؟ قلت : أنا من أرض الهركار ، فقال : زعموا أني زنديق. ثم قال : اكتب ، وأملي علي وذكر أبياتا من قصيدة ذكرتها أنا ، وأولها :